لماذا لا يحتفل المسلمون بمولد المسيح عيسى بن مريم، وهو النبيّ الذي بشّر ببعثة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم حين قال رب العزة والجلال: “ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد”، وهو الرسول الذي صلّى وراء النبي صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج في بيت المقدس.
بقلم فوزي بن يونس بن حديد *
يحتفل المسلمون كل عام بمولد خير البشرية محمد صلى الله عليه وسلم تعبيرا عن حبّهم العميق له، لكن احتفالهم بمولده يقتصر على المظهر والشكل دون تغيير الجوهر، فنرى المحاضرات والدروس والأناشيد والقصائد تعبق في المساجد والجوامع ونرى الحفلات الموسيقية والمقطوعات الصوفية يترنم بها ذوو الأصوات الشجيّة، ويبدو أن حبّهم للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم لا يتعدى حناجرهم، ويظنون أنهم يحتفلون بالرسول الأعظم عليه الصلاة والسلام، فالاحتفال بمولده صلى الله عليه وسلم في نظرهم صراخ وأكل وشرب وسهر وحبّ قلبي، وهذا ما نشاهده ونلحظه في مهرجانات الاحتفالات، إلا القليل من المخلصين لهذا الرسول العظيم تنتابهم نوباتٌ من الحب الصادق فيحملون أنفسهم على اتّباعه وتذكير الناس بسنّته العظيمة التي ينبغي أن تجلجل المكان وتخترق القلوب لتنعم الجوارح كلها بالسكينة التي كانت تنزل على النبي صلى لله عليه وسلم من الله تعالى فتثير فيها الرغبة في الاتّباع والتقليد.
المسلمون أيضا لا يحتفلون الاحتفال الصحيح بالرسول الكريم
وحينما يحتفل النصارى بمولد السيد المسيح عليه السلام، يعيب المسلمون عليهم لأن احتفالهم في نظرهم لهوٌ ومجونٌ وفسادٌ، وشركٌ بالله العظيم، ويستهجنون ما يقومون به من تثبيت شجرة الميلاد وقيام البعض بلبس لباس بابا نويل، ونسي المسلمون أنفسهم أنهم أيضا لا يحتفلون الاحتفال الصحيح بالرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، الاحتفال الذي يغير النفوس لا الذي يمتّع الأجساد ويترك الأرواح، فكلا الاحتفالين خارج عن نطاق الروح الاحتفالية العميقة بالنبيّين الكريمين، ولو علم المسلمون أن عيسى عليه السلام نبي ورسول حقّا لاحتفلوا به أيضا، ولماذا لا يحتفلون به وقد احتفل به الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج.
فعلا لماذا لا يحتفل المسلمون بعيد ميلاد المسيح عيسى بن مريم عليه السلام، وهو نبيّ من الأنبياء الكرام، خصّه الله عزّ وجلّ بمعجزات ذكرها القرآن الكريم إلى يوم القيام، فقد وُلد من غير أب، ونُسب إلى أمه، ونطق وهو في المهد صبيّا، ويبرئ الأكمه والأبرص ويحيي الموتى بإذن الله، ولعلّ أكبر منحة منحها إياه أن رفعه الله إلى السماء، وختم الآيات بذكره “ذلك عيسى بن مريم قول الحق الذي فيه يمترون”؟ لماذا لا يحتفل المسلمون بمولد المسيح عيسى بن مريم، وهو النبيّ الذي بشّر ببعثة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم حين قال رب العزة والجلال: “ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد”، وهو الرسول الذي صلّى وراء النبي صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج في بيت المقدس.
الرسول محمد صلى الله عليه وسلم امتداد للنبي الكريم عيسى بن مريم
ولكن كيف يحتفل المسلمون بسيدنا المسيح عيسى بن مريم عليه السلام؟ نحتفل به على طريقتنا لا على طريقة النصارى اليوم، من شجرة الميلاد وبابا نويل وصخب ولهو ومجون وقداس وغيرها، نحتفل به لنبيّن للعالم أننا نؤمن به كما نؤمن بسيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، مبعوثيْن من عند الله تعالى، جاءا برسالة واحدة من السماء، وبمعجزات كثيرة، فلِماذا نحتفل بسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ولا نحتفل بسيدنا المسيح عليه السلام؟، لم لا نتدبّر معجزاته بعناية تامة، نحتفل ونقرأ سيرته لا التي ينشرها المسيحيون عنه بل التي جاء بها القرآن العظيم، لنبين للعالم أجمع زيْفَ ما يعتقده النصارى من أنه ابن الله وأنه ثالث ثلاثة وغيرها من المعتقدات، فاحتفال المسلمين به يعني تصحيح المعتقد وبيان أن عيسى عليه السلام هو امتداد للأنبياء والرسل الذين جاؤوا من قبله، وبيان أن محمدا صلى الله عليه وسلم، امتداد للنبي الكريم عيسى بن مريم عليه السلام، جاءا بالرسالة نفسها مضمونها توحيد الله تعالى، هذا ما ينبغي الاحتفال به.
وعندما طرحتُ المسألة والموضوع سألني أحدهم، حبّذا لو تعكس السؤال سيدي، وتقول: لماذا لا يحتفل النصارى بمولد النبي صلى الله عليه وسلم؟، فأجبته ولماذا لا نستبق نحن الفكرة حتى يتبعنا الآخرون، فربما احتفالنا بالنبيّين محمد وعيسى عليهما السلام، سيصحّح مسار احتفال المسلمين أيضا برسولهم الكريم صلى الله عليه وسلم، حتى لا يقتصر على الشكليات، وتتجند الأرواح لترتوي من منارات النبوّات.
* صحفي و محلل.
شارك رأيك