نأمل أن تجد الحكومة الجديدة بقيادة الحبيب الجملي طريقها بعيدا عن أي محاصصات حزبية أو سياسية حتى تقود تونس نحو بر الأمان ويشعر التونسيون بتغيير حقيقي على الأرض ويتمسكون ببصيص أمل في النفق المظلم الذي يعكس حالة التونسيين اليوم.
بقلم فوزي بن يونس بن حديد *
أعلن السيد الحبيب الجملي، رئيس الحكومة المكلف من حركة النهضة الإسلامية، عن تشكيلة الحكومة التونسية المقترحة، ولن تمارس عملها الا بعد تصويت البرلمان عليها بأغلبية مريحة حتى تستطيع أن تعمل براحة ودون ضغوطات حزبية، ويبدو من خلال التشكيلة المعلنة أن عددا من الوزراء ذوو كفاءة ومستقلون، ولكن ليس كلهم، وبالنظر إلى الأسماء المرشحة يبدو أن هناك تحفظات واحترازات حتى من حركة النهضة، الحزب الأغلب في البرلمان، مما يطرح علامات استفهام كبيرة بعد كل هذه المدة التي أخذها الجملي لاختيار تشكيلة حكومته.
مكافحة الفساد من أولويات الحكومة الجديدة
الملاحظ في التشكيلة أن الأحزاب التي فازت في الانتخابات التشريعية لها من يمثلها، ورغم أن النهضة صرحت بأن قلب تونس لا وجود له في الحكومة الجديدة الا انه أطل برأسه مرة أخرى وفرض نفسه بقوة في المشهد السياسي الحكومي لتضرب بخيارات الشعب التونسي في الانتخابات التشريعية الماضية عرض الحائط.
عموما قد تخرج الحكومة الجديدة في تونس من عنق البرلمان وتحظى بالموافقة الحزبية وربما الشعبية ويسكت الجميع عن روني الطرابلسي في وزارة السياحة لكن نجاحها مرهون بطرح ملفات أساسية طالما انتظرها الشعب التونسي ومتلهف جدا لفتحها أولها مكافحة الفساد في كافة مؤسسات الدولة حتى تصلح الإدارة وتوضح خططها المستقبلية لإنعاش الاقتصاد وتحريك عجلة التنمية التي توقفت منذ فترة طويلة وتوفير وظائف للشباب العاطل عن العمل وحماية الدولة من أي تسرب إرهابي من الخارج والقضاء على الفكر المتطرف في الداخل.
منح الحكومة الجديدة الوقت الكافي لكي تقدم ما عندها
هي حكومة لا تحظى بموافقة حزبية كاملة كما ذكرت وفي الوقت نفسه هي الموجود على الساحة وينبغي العمل معها ومنحها الوقت الكافي لكي تقدم ما عندها وفي نفسي أمل لذلك لكن هناك من يترصد الموقف ويصطاد في الماء العكر دائما ويتصيد الأخطاء التي سترتكبها ويلوكها إعلاميا ويظهر عيوبها ويحاول إسقاطها باي طريقة، وهناك في الداخل والخارج من يدعم المعارضة بشدة التي بعضها يعمل بجد ويسعى إلى النقد البنّاء للإصلاح والتغيير وهذا مهم جدا ومفيد للعملية السياسية حتى تتطور ويستفيد منها الشعب وبعضها يعمل على الحد من انطلاقها وقدرتها على العطاء ويتلقى الدعم المعنوي وربما المادي من الخارج وهذا خطير للغاية لأنه يؤسس للفوضى التي طالما تحاول جهات خارجية ترسيخها لإجهاض التجربة الديمقراطية التي بدأتها تونس منذ انهيار نظام بن علي الاستبدادي.
وعلى هذا نخاف كل الخوف من أن يسلك هؤلاء مسلك الطموح نحو الشهرة وتحقيق المصلحة الخاصة على حساب مصالح الشعب التونسي فيقعون في فخ التشهير بالحكومة والنقد من أجل النقد وإحراج الحكومة وربما السعي إلى إسقاطها.
نأمل أن تجد الحكومة الجديدة طريقها بعيدا عن أي محاصصات حزبية أو سياسية حتى تقود تونس نحو بر الأمان ويشعر التونسيون بتغيير حقيقي على الأرض ويتمسكون ببصيص أمل في النفق المظلم الذي يعكس حالة التونسيين اليوم.
* صحفي ومحلل.
شارك رأيك