تعهد فصيل حزبي بسحب الثقة من الشيخ راشد الغنوشي بعد زيارته المثيرة للجدل لتركيا، خاصة وأنها جاءت بعد فشل حكومة الجملي نيل الثقة في البرلمان، مما أوحى للحزب الحر الدستوري الذي تبنى المشروع أن راشد الغنوشي يتلقى الأوامر من رجب طيب أردوغان، وأن هناك سرا كبيرا يحمله الشيخ للرئيس التركي، و في هذا السلوك غير المعهود خرق لقانون مجلس النواب، وهو ما يستوجب مساءلته والمطالبة بسحب الثقة منه بصفته رئيس البرلمان.
بقلم فوزي بن يونس بن حديد *
وحيث إن الحزب الحر الدستوري لا يعترف ضمنيا ولا صراحة برئاسة راشد الغنوشي البرلمان التونسي، فإنه يحاول قدر الإمكان وبكل الوسائل المتاحة لديه، ويستغل مثل هذه اللقاءات الجانبية التي تجمع الشيخ مع أردوغان، وهي الشخصية المنبوذة عنده، لتبرير موقفه الذي يعادي فيه الشيخ لتوجهه الإخواني، ولأن الحزب الحر الدستوري يرى في النهضة حركة إرهابية ينبغي مساءلتها وزج أعضائها في السجون وهي المسؤولة الأولى عما يجري في تونس من إخلالات أمنية وعمليات إرهابية ولديها غرفة سرية في وزارة الداخلية، وبالتالي هذا الموقف السياسي هو الذي دفع عبير موسى لتعلن أن الشيخ الغنوشي شخصية لا يمكن التعامل معها رئيسا كان أو نائبا في البرلمان، وليس وحده بل هو وزمرته كما تقول.
أي دور لأردوغان في ما يجري في تونس ؟
وهل يكفي لقاء الغنوشي مع أردوغان لتحرير مشروع سحب ثقة من رئيس البرلمان، فربما كان لقاؤه خاصا بين شخصيتين مقربتين صديقتين لا علاقة ذلك بما يجري في تونس، كما يقول النهضاويون، ولكن يبقى التوقيت رهن الشكوك التي حامت حول دور أردوغان في ما يجري في تونس وتأثيره في السياسة التونسية عبر حركة النهضة التي تسيطر على البرلمان بأغلبية غير مريحة، ومن ثم إذا سلمنا جدلا أن أردوغان يتدخل في الشؤون الداخلية التونسية فكيف سيمرر البرلمان التونسي أي قرار يمكن أن يُعرض، فذلك شبه مستحيل، والشيخ راشد الغنوشي على علم بذلك، فهو يعلم حدود قدرته وتأثيره على مجلس النواب اليوم، فلديه تشكيل من أحزاب صغيرة مشتتة، ولذلك ارتأت جميع الأحزاب المعارضة إلى إسقاط قانون الزكاة الذي طرحته حركة النهضة كمشروع ينقذ البلاد من الفقر ويحول الأسر الفقيرة إلى أسر عاملة منتجة.
مذكرة سحب الثقة تستوجب الحصول على أغلبية
ولا بد للحزب الذي سيرفع مذكرة سحب الثقة من الشيخ راشد الغنوشي أن يطعم شكواه بالأدلة الدامغة التي تثبت أن هذه الزيارة لها علاقة بالسياسة الداخلية لتونس، وإذا ما توفرت هذه الأدلة فإن الشيخ راشد الغنوشي قد يتعرض لسحب الثقة إذا حصل المشروع على أغلبية ومن ثم قد يكون خارج إطار مجلس النواب، ولكن أيضا قد يستبق الشيخ راشد الخطوة فيعلن استقالته من رئاسة المجلس التي أتعبته كثيرا في ظل وجود الانشقاقات الكبيرة التي بدأت تظهر على مستوى حركته وتصارع الأحزاب الصغيرة من حوله وهو الذي حاول أن يجمع الكل لكنه غير قادر إلى حد الآن على لمّ الشمل على كلمة سواء، ويبدو أن ذلك مستحيلا في الظروف الراهنة خاصة بعد سقوط حكومة الجملي مما يعني بداية لعمل جديد وصعب وخطير وهو لا يتحمل كل هذه اللقاءات في هذه السن المتقدمة.
وعلى أية حال فإن مجلس النواب التونسي مقبل على عمل مضن في ظل تعيين رئيس حكومة جديد سيدخل في ماراطون لاختيار وزرائه والعملية قد تأخذ شهرين كاملين وتبقى البلاد في حالة عجز تام، إلى إشعار آخر، وقد تحدث مفاجآت أخرى في الطريق والله وحده العالم بها.
* صحفي ومحلل.
شارك رأيك