منذ سقوط النظام السياسي السابق في تونس، يوم 14 جانفي 2011، و تتالي الحكومات و الاختلاف في وجهات النظر الاقتصادية في مجال تطبيق السياسات الاقتصادية الكفيلة بالخروج بتونس من وضعية الركود الاقتصادي الذي تعاني منه منذ تسع سنوات.
بقلم وليد البلطي *
فبالرغم من المجهودات المبذولة من خلال السياسات الاقتصادية المنتهجة، فإن الوضع بقي رهين اللجوء الى المديونية أو الى انتهاج سياسة جبائية باتت تجثم على أنفاس المواطن، فتقلل من مقدرته الشرائية ومؤشر الادخار في ظل ارتفاع الأسعار و تنامي التضخم المالي و ارتفاع نسبة الفائدة المديرية للقروض.
فقد تكون بوادر الانفراج مرتبطة باستقرار الوضع السياسي بتونس، غير أنها لا تكفي لإعادة الاستقرار الاقتصادي بالبلاد و اجتناب الانفجارات الاجتماعية المرتبطة بها و تعطل آليات الإنتاج ذلك أن التوازنات الكلية بتونس، و إن تحسنت نوعا ما، ستظل ضعيفة طالما انها لا ترتكز على جهاز انتاجي قوي ،قادر على خلق الثورة في ظل هدنة اجتماعية، بحيث سيكون حريا برئيس الحكومة المزمع تعيينه، في ظل الفقرة الثالثة من الفصل 89 من الدستور، اعتماد تمشي إصلاحي يكون قائما على بعض النقاط التي تستمد أهميتها من خلال طبيعة المرحلة المقبلة وهي التالية:
- ضرورة المتابعة الدائمة لمسألة التنسيق بين أدوات السياسة النقدية و أدوات السياسة المالية، خدمة للأهداف الاقتصادية،
- المراقبة و التقييم لجميع البرامج المندرجة في السياسات الاقتصادية السابقة، للوقوف على نقائصها لغاية تعديلها و تلافيها مستقبلا،
- اتخاذ إجراءات مستعجلة بالإضافة الى تسطير سياسة تنموية مستديمة لكل من قطاعي الفلاحة و الخدمات، لغاية تخفيف الضغط المالي على الاقتصاد الوطني و الكف عن اعتماد سياسة المديونية أو السياسة الجبائية لغاية تعبئة موارد الدولة،
- إصلاح الإدارة و مكافحة البيروقراطية و الفساد الإداري و التبذير، الأمر الذي يؤدي الى ترشيد السياسة الاقتصادية الكلية و تحقيق التنمية،
- التفاوض مع الأطراف النقابية، لغاية اعتماد هدنة اجتماعية لمدة سنة، يتم فيها تجميد الزيادات في الأجور والعمل على تخفيض الأسعار، لغاية دفع الإنتاج و الإنتاجية و خلق الثروة،
- وضع برامج اقتصادية ترتكز على زيادة الإنفاق الاستثماري الموجه نحو مشاريع البنية التحتية لغاية تطوير مناخ الاستثمار الملائم لنمو القطاع الخاص ودعم المشاريع المتوسطة و الصغيرة، علاوة على توجيه الاستثمار الخاص نحو المشاريع كثيفة الاستخدام لعنصر العمل لغاية امتصاص نسب البطالة،
- العمل على زيادة مرونة الجهاز الإنتاجي من خلال استراتيجية تسمح بتحقيق تراكم رأس المال متوازن عبر دعم الصناعة التحويلية و التوزيع العادل للموارد الاقتصادية عبر كافة القطاعات و بين الجهات،
- اعتماد السبل الكفيلة في إطار سياسة نقدية موجهة تساعد على تحسين قيمة سعر الصرف،
- وضع سياسة تهدف الى معالجة تذبذب الاستهلاك السنوي بسبب التفاوت بين دخل الأفراد خصوصا بسبب الترفيع في كتلة الأجور، مما أدى بدوره الى ارتفاع نسبة التضخم،
- إعطاء أهمية للدراسات التقييمية و التنبؤية بما يخص مختلف الظواهر الاقتصادية بموجب انشاء مخبر وطني لترصدها و معالجتها بصفة حينية.
فلعل الأيام القادمة تكون كفيلة، بإماطة الضباب عن الرؤية الاقتصادية لإصلاح البلاد على مستوى جميع القطاعات، حتى يتم احتواء الأزمات الاجتماعية المنذرة بسقوط النظم السياسية للحكم في العالم.
* خبير قانوني.
شارك رأيك