الأستاذة الجامعية والناشطة في المجتمع المدني لينا بن مهني التي توفيت صباح اليوم الاثنين 27 جانفي 2020 في سن 36 عاما كانت خلال الأسابيع الأخيرة في صراع مرير مع المرض لكن ذلك لم يمنعها من الإهتمام بأوضاع البلاد و قد كتبت التدوينة التالية أمس الأحد 26 جانفي في التاسعة صباحا. ويمكن اعتبار هذا النص وصيتها للتونسيين والتونسيات حتى لا يلدغوا من نفس الجحر مرتين…
نحن شعب لا يتعظّ من ماضيه و لا يحفظ دروس التاريخ و كأنّني بنا شعب قصير الذاكرة أو دعوني أقول معدوم الذاكرة … تستهوينا بعض عروض التهريج في مجلس النواب فنصفّق لأصحابها و نعتبرهم من التقدميين و من المصلحين و ننسى عبثهم و فسادهم و قمعهم و حتى عنفهم…
أنا ضدّ العنف و ممارسة العنف مهما كان مأتاه و مهما كانت الجهة التي يوجّه ضدّها العنف فالعنف مرفوض في كلّ الحالات. و ما تمارسه نائبة الدستوري الحر في المجلس عنف كان جوابه العنف ومن يرفض العنف يرفضه على نفسه و على غيره.
من تدّعي رفضها للعنف تربت على ممارسة العنف فعلى سبيل المثال و حسب ماورد في تقرير هيأة الحقيقة والكرامة في صفحتيه 152-153 : “وقع مكافأة عبير موسي التي تميزت بالاعتداء على زملائها خلال الجلسات العامة (مثلما حدث مع الأستاذ محمد عبو)” الخ… يمكنكم الاطلاع على التقرير و الذي تصاحبه وثائق.
فعيب على من ذاق العنف و تعرّض للتهديد أن يصطفّ مع من تمرّس في ممارسة العنف و خرج علينا يدّعي أنّه ضحية و مورس عليه العنف.
عيب أن نشجّع مثل هذه الممارسات و نستغرب من ردّة فعل عائلات شهداء و جرحى لم تنشر قائماتهم الرسمية الى اليوم.
عيب أن تصول و تجول السيدة النائبة في البرلمان بفضل دمائهم و تنكر حدوث الثورة . طبعا أعيدها لست مع الإعتداء عليها بالعنف (أن ثبت ) و لكن لست مع تأليهها و شكرها و تكريمها.
من تدّعي الحداثة لم تقدّم موقفا مشرّفا فيما يخصّ المساواة و الحريات الفردية. هذا بالاضافة الى كونها ابنة نظام دكتاتوري فاشيّ أرهبنا لأكثر من عقدين متتاليين.
من تدّعي أنّها بنت بورقيبة لم تدافع عن بورقيبة يوما وقت وجب الدفاع عنه.
هذا من جهة و هناك من جهة أخرى من يحاول تقديم حركة النهضة كحزب ثوريّ متناسيا ما عشناه و نعيشه منذ زمن الترويكا من عنف و من دماءو اغتيالات.
النهضة يا سادتي من الأحزاب التي كرست الفساد في تونس على الأقل من خلال مصادقتها على قانون المصالحة حتى لا أدخل في تفاصيل أخرى .
النهضة و نوابها المتباكون على دماء الشهداء و جرحاها في الفترة الأخيرة هم من أكثر من تلاعب بهذا الملف ولن أعود إلى تفاصيل اعتصام الجرحى في وزارة حقوق الإنسان يوم كان سمير ديلو وزيرا … و لن أعود على من ترأس و يترأس لجنة شهداء و جرحى الثورة في مجلس النواب…
الأحزاب الثورية لا تفرض ايديولوجياتها بالعنف و بروابط حماية الثورة و بتزييف التاريخ و لا تحاول أن تفرض قيودها على الحريات الخاصة و العامة… الأحزاب الثورية لا تتماهى في رقصات محمومة مع بقايا الدكتاتورية بأنواعها. فلا الدستوري الحرّ حزب تقدّمي و لا النهضة حزب ثوريّ. فلا تنخدعوا بالتهريج و بالمسرحيات. من شبّ على شيء شاب عليه.
شارك رأيك