في مقال أخير بعنوان “عن أي شعب تتحدثون ؟ -أزمة المفاهيم” يقف الرئيس التونسي السابق و رئيس حزب الحراك محمد المنصف المرزوقي على الوضع المتردي الحالي للمنطقة العربية ويطرح أسئلة وجودية حول فشل كل الحلول التي ارتاها العرب والمسلمون خلال نصف القرن الفائت. و في ما يلي الجزء الأخير من المقال…
السؤال اليوم: الآن وقد كشّرت كل الكواسر المحيطة بكم عن أنيابها وأصبحتم كالأيتام في مأدبة اللئام وعاد الاحتلال المباشر والتبعية المفضوحة وأصبحت معارك الحدود معارك وجود، ما أنتم فاعلون للدفاع عمّا سُمّي يوما الأمن القومي العربي؟
هكذا كانت أسئلة الامتحان وكان ردنا عليها كل هذا العفش الفكري الذي سمّم عقولنا ووضع غشاء سميكا على عيوننا: الإسلام (السياسي) هو الحلّ، الاشتراكية (السوفياتية أو اليوغسلافية) هي الحلّ، الوحدة العربية (البعثية أو الناصرية) هي الحلّ، الديمقراطية (الليبرالية أو الاجتماعية) هي الحلّ… واليوم التطبيع والتبعية هُما الحلّ.
أٍرجو ألا يُقوّلني أحد ما لا أقصد أو أن يتهمني بأنني كفرتُ بما آمنتُ به طوال حياتي وضلّلتُ به الناس. طبعا تبقى الديمقراطية كما قال تشرشل نظاما سيّئا لكنه أقل الأنظمة سوءا. طبعا يجب أن نحارب الاستبداد وهو يرتهن مصير شعب بأكمله بين يدي شخص عادي وأحيانا أقل من عادي. بديهي أنْ يجبُ ألا نتخلى عن قيمنا الإسلامية أو عن مشروعنا الوحدوي. يبقى رغم هذا أن نعترف دون أن نتّهم بعضنا البعض أو أن نزايد على بعضنا البعض والوضع لم يعد يسمح بمثل هذه الصبيانيات، أنّ كل حلولنا كانت في أحسن الأحوال جزئية سطحية ساذجة، وفي أسوئها خارجة تماما عن الموضوع.
الدليل القاطع فشلنا جميعا ونحن أمام ملايين اللاجئين السوريين في تركيا وبانتوستانات فلسطين ومجاعات اليمن وحروب السودان والصومال وتمزق ليبيا والقمع غير المسبوق في مصر والبارات الحلال في السعودية وانتحار الأطفال في تونس والشباب الغاضب في ساحات الجزائر وبيروت وبغداد ولا أحد يعلم هل سينتهي يوما هذا الانزلاق لجلّ دولنا وشعوبنا نحو فوضى دموية غير مسبوقة في تاريخنا المعاصر.
ما الذي يجب أن نسعى إليه بكل قوانا علّنا نوقف هذا الانجراف نحو الهاوية؟
هل ثمة إمكانية لكي تتعافى دوَلنا وتتمكن من إنقاذ شعوبنا، وهل يمكن لشعوب المواطنين التي تزأر اليوم في الشوارع دون رؤية واضحة، إنقاذَ دولنا؟
شارك رأيك