في تدوينة نشرها مساء الخميس 20 مارس 2020، على صفحته الرسمية بالفايسبوك، قال وزير الفلاحة السابق في عهد حكومة يوسف الشاهد، ان المرحلة هي مرحلة حرب على وباء الكورونا وتقتضي التدخل الآني على جميع الاصعدة للحد من تفشي الفيروس.
و هذا ما نشره: ” اليوم تدخل تونس مرحلة دقيقة في حربها ضد وباء الكورونا المستجد، ستؤدي، للتقليص فيها، إلى اللجوء لا محالة إلى الحجر التام لكل المواطنين، مرحلة تقتضي من الحكومة التدخل السريع على كل الواجهات: صحية، أمنية، اقتصادية واجتماعية، وكذلك في علاقة بالنقل والخدمات والمرافق كلها.
وهو وضع لم تعرف تونس مثيلا له اذ يفترض تطبيق معادلة صعبة بين التعجيل في اتخاذ القرارات وتقريب الخدمات من ناحية وفرض الإبعاد الاجتماعي (la distanciation sociale) من ناحية أخرى. وليس ثمة من سبيل لبلوغ هذا غير سبيل المرور السريع من نموذج (paradigme) تسيير شأن العامة في الحياة العادية إلى نموذج آخر يتعلق بتسيير الشأن العام في حالة الأزمات.
وهذه الحالة الجديدة التي لا نعرف مدتها ولا كيفية مقاومتها بالأساليب العلمية والطبية القبلية و لا كل آثارها تفترض لتجاوزها توفير الشروط التالية:
– تحديد قيادة المرحلة. – مركزة القرارات. – سرعة تنفيذ القرارات مع فرض احترامها بالقانون. والدستور، الذي عادة ما يستعمله السياسيون لتعليق فشلهم عليه، يوفر لنا الحل للعبور من وضع الحكم العادي إلى وضع حكم الأزمات من خلال الفقرة الثانية من الفصل 70 التي تمكن مجلس نواب الشعب “بثلاثة أخماس أعضائه أن يفوض بقانون(loi d’habilitation) لمدة محدودة لا تتجاوزالشهرين و لغرض معين إلى رئيس الحكومة بإصدار مراسيم (décrets-lois) تدخل في مجال القانون تعرض حال انقضاء المدة المذكورة على مصادقة المجلس”. وتضيف الفقرة الثالثة في نفس الفصل أنه “يستثنى النظام الانتخابي من مجال المراسيم”.
بمعنى أن هذه الفقرة لا تميز في تدخل رئيس الحكومة بواسطة المراسيم بين مجالات القانون العادي والقانون الأساسي. إن اعتماد الفقرتين الثانية والثالثة من الفصل 70 من الدستور سييسر على الحكومة قيادة المرحلة بالسرعة والنجاعة الكافيتين في احترام تام للمنظومة الدستورية. كما سيمكن اللجوء إلى المراسيم من تحقيق الفوائد التالية: – فائدة سياسية، تتمثل في حسم الجدل الوهمي القائم على تحديد الصلاحيات في هذه الفترة بالرغم من وضوح الدستور.
– فائدة عملياتية ناتجة عن تحديد واضح لقائد هذه المعركة وهو رئيس الحكومة.
– فائدة اقتصادية واجتماعية من خلال تمكين رئيس الحكومة من التدخل السريع عبر إجراءات استثنائية لإنقاذ النسيج الاقتصادي وخاصة إنقاذ المؤسسات الصغرى والمتوسطة في هذه الفترة المتسمة بتعطل الإنتاج، وكذلك التدخل لفائدة الفئات الهشة غير القادرة على مجابهة انقطاعها عن سوق الشغل ولو لفترة وجيزة، بما في ذلك ضمان خلاص الأجور ومختلف التدخلات الاجتماعية في القطاعين العام والخاص
– فائدة في علاقة بشرعية القيادة (الحكومة) ومشروعية قراراتها، مما يعطيها ورئيسها المكانة والثقة اللازمتين لتخطي المرحلة.
– فائدة استباقية في صورة إقرار الحجر التام الذي سيتعذر معه السير العادي لدواليب مجلس نواب الشعب في القيام بوظيفته التشريعية.
فتطبيق الفقرة الثانية من الفصل 70 والتفويض لرئيس الحكومة اللجوء للمراسيم يتطلب جلسة واحدة يصادق فيها المجلس بأغلبية 131 صوتا (أغلبية ثلاثة أخماس) على قانون بفصل وحيد.
إن المرور إلى هذا النموذج الجديد في تسيير الأزمة يتوقف على إرادة رؤساء مختلف السلط السياسية: رأسي السلطة التنفيذية ورئيس السلطة التشريعية. إن مصلحة تونس وشعبها فوق القراءات الدستورية الخاطئة للبعض والمرتبطة بالحسابات السياسية الضيقة للبعض الآخر. عاشت تونس !”
شارك رأيك