ما وقع في مستسشفى الحبيب بورقيبة صفاقس من اختراق من قبل العدو في هذه الحرب التي نخوضها ضد فيروس الكورونا، خطير و مؤلم. كيف تم هذا الاختراق رغم الاستعدادات؟ كيف تسرب العدو إلى حصننا الأول؟ أين المسار الآمن و المؤمن الذي يتبعه كل من يقصد المستشفى للعلاج؟ اين الحذر ؟ أين الحيطة ؟ أين التقدير الصحيح؟ أين الحَدْس ؟
بقلم فتحي الهمامي *
المريض المصاب بكوفيد 19 و الذي كانت الأعراض بادية عليه، دخل وتنقل في أقسام المستشفى و أقام فيه و تلقى العلاج لمدة اكثر من 48 ساعة دون التفطن إلى إصابته إلا يوم أمس الإثنين 23 مارس 2020.
الكل يعرف أن الامكانيات قليلة، و الكل يعلم ان المستشفى العمومي لحقه الخراب بسبب سياسات إهلاك المرفق العمومي، و الكل تناهى إلى سمعه او رأى بأم العين ما بذله ويبذله جنود الصف الأول (الجيش الأول) من جهد و تفان و تضحية للذود عن صحتنا و حمايتنا من الوباء.
و لكن ما حصل من هزيمة قاسية امام عدو شرس، يحيلنا إلى ضرورة الاسراع بفتح تحقيق جزائي وإداري، للتعرف على حقيقة الوقائع، و للتدقيق في مواطن التقصير، لينتهي إلى تحديد المسؤوليات.
و ليس خاف ان نتائج التقصي هامة لاستخلاص الدروس، التي ستنبه إلى الثغرات و مواطن الخلل. فاعادة بناء الجدار الأول على أساس أفضل تستدعي ذلك. و قد بدأ بعد الاطار العامل في المستشفى في معالجة أثار الخيبة بكل شجاعة وترميم تلك الثغرة: عزل – حجر ذاتي – تحاليل – تعقيم…
لكن ما رشح من أخبار حول المسار الذي قطعه المريض المصاب قبل ان تطا قدما الفيروس مستشفى الحبيب بورقيبة، التي تشير ان الرجل قصد أكثر من “كلينيك ” خاص للتداوي و الإقامة فيه، ولكن تم رفض استقباله من قبلها.
و السؤال هنا: هل ان القطاع الخاص الصحي خارج الخدمة، و غير معني بهذه الحرب؟
و أسئلة اخرى أيضا: لماذا لا تعبىء كل إمكانيات القطاع الخاص و تجهيزاته لمساعدة المرفق العمومي؟ و لماذا لا يتم الالتجاء إلى تسخير المصحات و المخابر من أجل معاضدة المجهود الوطني في مكافحة الوباء؟
و لماذا لم يبلغ على المريض من قبل من قصدها إلى السلطات؟
و لماذا لا يتمتع مهنيو الصحة في المستشفيات بوسائل الوقاية اللازمة (قفازات، أقنعة ، واقيات، سوائل معقمة…)، فكل قاصد للمستشفى يعد مريضا إلى أن يثبت العكس؟
و كيف تتعامل الدولة مع منتجي وسائل الوقاية؟ هل ثمة توجيهات خاصة لهم تلزمهم بتكثيف الإنتاج (بالموصفات الضرورية) و تساعدهم على ذلك؟
أسئلة كثيرة القصد منها لفت النظر إلى ان الدولة لم تبلغ بعد أوج الإستعداد (رغم المجهودات الجمة) لحماية مواطنيها من الجائحة، إذ أرى انه عليها أن تخرج من منطق الاستعطاف و الاسترحام إلى منطق الإلزام و التسخير في التعاطي مع الامكانيات المتوفرة في البلاد.
* عضو الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان.
شارك رأيك