لجنة النظام الداخلي بالبرلمان تعزز مواطن الطعن في دستورية مشروع القانون المتعلق بالتفويض لرئيس الحكومة في إصدار مراسيم من خلال الصيغة المعدلة لهذا المشروع.
بقلم وليد البلطي *
تداولت مساء يوم الثلاثاء الموافق لـــ31 مارس 2020، عديد المواقع الإخبارية الصيغة النهائية لمشروع قانون التفويض للحكومة في إصدار مراسيم والذي صادقت عليه لجنة النظام الداخلي والحصانة والقوانين البرلمانية والقوانين الانتخابية.
وقد تم تفصيل المجالات ضمن مشروع القانون المعدل على خلاف الصيغة الأولوية المعروضة على أنظار المجلس، مع إضافة فصل يتعلق بالطعن في دستورية المراسيم طبقا لإجراءات القانون الأساسي عدد 14 لسنة 2014 المؤرخ في 18 أفريل 2014 المتعلق بالهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين.
ويستنج مما سبق، أن مجلس النواب أراد من خلال الفصل المذكور ضمان رقابة دستورية حينية للتدخل في صورة ما أن تبين أن المرسوم غير دستوري، لكن الصياغة المصادق عليها قد عززت نقاط الطعن في دستورية مقترح رئيس الحكومة برمته و ذلك لأسباب التالية:
- يخول الفقرة الثانية من الفصل 70 للدستور لرئيس الحكومة أن “يصدر مراسيم، تعرض وجوبا بعد انتهاء المدة على أنظار مجلس النواب للمصادقة عليها بموجب قوانين”، وهو ما يفيد أن مجلس نواب الشعب يقوم بمراقبة بعدية للمرسوم، يعني بانتهاء الموجب و ليس خلال أجل سريان مفعول المرسوم المقترن بنشره بالرائد الرسمي، فلنفترض جدلا أنه خلال العطلة البرلمانية، دعي ممثل السلطة التنفيذية الى إصدار مرسوم، فهل يجوز تعطيله أو الطعن في دستوريته و إيقاف سريانه برجوع النواب من العطلة البرلمانية بحيث يكون فرض رقابة على المرسوم خلال فترة سريانه من العبث الذي شرعت له السلطة التشريعية خلال نقاش لجنة النظام الداخلي والحصانة والقوانين البرلمانية والقوانين الانتخابية؟
- نص الفصل الرابع من الصيغة المعدلة للمشروع أنه “تخضع المراسيم الصادرة بموجب هذا القانون والمعروضة على مجلس نواب الشعب الى نفس إجراءات النظر في مشاريع ومقترحات القوانين”، و حيث بالإطلاع على الفقرة الثانية من الفصل 70 للدستور، يتضح أن الدستور قد أوجب عرض المراسيم بصفة عامة بعد اقضاء المدة وجوبا على أنظار المجلس، مما يجعل الفصل الرابع من الصيغة المعدلة يندرج ضمن خانة التزيد و الحشو اللغوي.
- لغاية تجاوز معضلة الفراغ الدستوري المتواصل بالنسبة للمراسيم التي صدرت بعد 2011 من قبل رئيس الجمهورية المؤقت (فواد المبزع)، و لغاية تفعيل ضمان علوية القانون المنصوص عليها بخاتمة الفقرة الثالثة من توطئة الدستور، احتوت الأحكام الانتقالية صياغة لحل مشكل رقابة الدستورية و تمثلت في الترخيص للمجلس التأسيسي في إحداث هيئة وقتية تختص بمراقبة دستورية مشاريع القوانين.
و تفعيلا لما سبق صدر القانون الأساسي عدد 14 لسنة 2014 و المتعلق بالهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين، والتي تختص قانونا طبقا للفصل 3 بمراقبة دستورية مشاريع القوانين بناء على طلب من رئيس الجمهورية أو رئيس الحكومة أو ثلاثين نائبا على الأقل مع الإشارة أنه يقصد بمشاريع القوانين كافة النصوص التشريعية المصادق عليها من المجلس الوطني التأسيسي أو مجلس نواب الشعب والتي لم يتم ختمها بعد.
وباعتبار أن القانون الأساسي عدد 14 لسنة 2014 قد بين مجال تدخل الهيئة وعرف مشاريع القوانين المشمولة برقابتها، يكون بذلك النظر في مراسيم نشرت و أصبحت سارية المفعول خارج رقابتها قانونا، مما يضحي معه التنصيص ضمن الصيغة المعدلة،على رقابة المراسيم أو الطعن فيها بعدم دستوريتها من مشمولات الهيئة المذكورة وطبعا إيقاف سريانها، غير دستورية، شكلا و مضمونا وواقعا و قانونا وذلك لاختلاف الطبيعة القانونية لهاته النصوص (المراسيم).
و في الختام، إن صادق مجلس النواب على الصيغة المعدلة خلال الجلسة العامة، فإنه ينتظر نظرا للخروقات الدستورية التي يضمها المشروع المعدل، أن يلتجىء عديد النواب للطعن فيه أمام الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين وذلك في صورة عدم تدخل رئيس الجمهورية بموجب الصلاحيات الدستورية المخولة له بموجب الفصل 66 من الدستور منتهيا بالقول أن المعيار الصحيح الذي يوزن به الحكم السلمي والمنيع هو مدى احترام الأمة ممثلة في مؤسستها و حكامها و محكوميها للمبادئ الدستورية التي رضيت بها والتزمت بها قانونا لحياتها، ضرورة أن الحياة الحضارية لا تستقيم إلا إذا كانت للأمة دستور يحكم حياتها.
* خبير قانوني.
شارك رأيك