أثار حفيظتي الظهور المكثف والفوضوي لأغلب وزراء حكومة الفخفاخ، وفي مقدمتهم وزير الصحة عبد اللطيف المكي، في البلاتوهات الإذاعية والتلفزية للحديث في كل الشؤون السياسية والصحية والإقتصادية والإجتماعية والثقافية، التي لا تمت لٱختصاصاتهم ومسؤولياتهم بصلة والتي لا علاقة لها بها أصلا.
بقلم مصطفى عطية *
ذكرني هذا الإقبال النهم على “الأضواء” في ذاك الوزير التي تحمل عدة حقائب هامة في العهد السابق، وعرف لدى الخاصة والعامة بحرصه الشديد على “التموقع” الإعلامي وإرغام المؤسسات الإعلامية العمومية بالخصوص على تغطية كل “أنشطته” حتى تلك التي لا تهم المواطن في شيء، حتى تدخل أحد مستشاري الرئيس، من ذوي النفوذ الكبير، بحزم لا يخلو من شدة حسم، وأعطى تعليماته الصريحة بالحد من ظهوره المنفلت في القنوات الإذاعية والتلفزية والصحف والمجلات
غضب صاحبنا غضبا شديدا وٱعتبر تصرف مستشار الرئيس محاولة مقصودة منه لعرقلته وتعطيل “صعوده الصاروخي”، وٱستنجد بأحد أفراد العائلة “الحاكمة” لتبليغ شكواه إلى الرئيس زين العابدين بن علي رحمه الله، الذي إستقبله مبادرا إياه بسؤال إستنكاري صادم : “لم أشاهدك منذ مدة في التلفزة ؟”.
لملم الوزير أطراف شجاعته وأجابه :” مستشارك الفلاني أعطى تعليماته بالحد من ظهوري في وسائل الإعلام بمختلف أنواعها”!!! “عيب عليه” أجابه بن علي مستنكرا !
إنتظر الوزير أن تدعوه وسائل الإعلام مجددا للظهور في برامجها وتغطية أنشطته بكثافة بعد أن “أنصفه” رئيس الجمهورية، أو هكذا خيل له، ولكن لم يحدث شيء من ذلك بل تفطن إلى أنه أصبح في حالة حصار مطبق ثم تفاجأ بعد أيام قليلة بقرار عزله من منصبه!
عندما روى لي هذه الحكاية بنفسه سألته : “ألم ينصحك مستشاروك الذين أحطت نفسك بهم في الوزارة بأن الظهور الإعلامي المكثف يضع صاحبه في مواجهة البراكين المضطرمة؟” فأجابني: “إنهم يتنافسون على دفعي إلى المزيد من الظهور ولم أكتشف قصور نظرهم وٱنتهازيتهم إلا عندما وجدت نفسي معزولا أو في شبه عزلة وقد تفرقوا من حولي دفعة واحدة!”
لا شك أن الأوضاع تغيرت ولم يعد الوزير رهين تعليمات قصري قرطاج والقصبة في تعامله مع وسائل الإعلام ولكن البراكين مازالت قائمة وإن بدت نائمة ومخادعة، وهي مهيئة للإضطرام في أي لحظة، يكفي أن تصلها الشرارة من هنا أو هناك. ولا عزاء لعبد اللطيف المكي والوزراء المتهافتين على “أضواء” البلاتوهات الإذاعية والتلفزية.
* صحفي وكاتب.
شارك رأيك