منذ بدء انتشار فيروس كوفيد- 19 وتحوّله إلى جائحة عالمية، بادرت تونس من خلال رئيس الجمهورية قيس سعيد، إلى الدعوة إلى ضرورة تضافر الجهود الدولية والأممية للتصدّي لهذا الوباء واعتبرت أنّ البشرية بأسرها مهدّدة وأنّ العالم في حالة حرب تستوجب وضع كلّ الإمكانيات والطاقات في جهد مشترك ومتماسك يرتقي إلى مستوى التحدّي القائم.
ومن هذا المنطلق، كانت تونس أوّل من طالب باضطلاع مجلس الأمن بدور أساسي في الجهد الأممي للتصدي لهذا الوباء ودعت إلى عقد اجتماع طارئ للمجلس لبحث تأثيرات هذه الجائحة على الأمن والسلم الدوليين واتخاذ الإجراءات اللازمة وهو ما تم بتاريخ 09 افريل 2020.
ورغم إدراكها للاختلافات العميقة في وجهات نظر الدول الأعضاء في مجلس الأمن حول توصيف الأزمة الراهنة وتبادل الاتهامات الخطيرة بين الدول الكبرى وتصاعد الحرب الإعلامية بينها، فقد تمسّكت تونس بضرورة التسامي على الخلافات وبلورة موقف دولي موحّد ومنسجم وقوي وتقدّمت يوم 30 مارس 2020 بمشروع قرار إلى مجلس الأمن ارتأت، أن تبدأ بمناقشته على مستوى الدول العشر الأعضاء المنتخبة المعروفة باسم E10، التي تبنت وانخرطت في المبادرة التونسية وعملت خلال أسبوعين من المفاوضات على مزيد إثراء نصّ مشروع القرار، الدي بات اليوم جاهزا للمرحلة الثانية من المفاوضات الموسّعة على مستوى المجلس بتركيبته الكاملة.
لقد حقّقت تونس إنجازا تاريخيا غير مسبوق من خلال تجميع أغلبية أعضاء المجلس حول مشروع قرار يتعاطى مع أكبر أزمة تواجه الأمم المتحدة مند نشأتها وتحصلت من هذه الدول العشرة على تفويض لاستكمال التفاوض مع بقية الدول الدائمة العضوية بالمجلس، في الأيام المقبلة وهو ما يعكس رصيد الثقة الذي تحظى به بلادنا داخل هذا الهيكل الأممي.
وتونس التي تتولى للمرة الرابعة في تاريخها عضوية مجلس الأمن، والتي خبرت التعاطي مع القضايا الدولية الكبرى والتعامل مع اختلافات وأحيانا تناقضات المواقف بين الدول الأعضاء، تواصل مهمّتها بنفس العزم والإصرار لإنجاح مبادرتها والدفع باتّجاه التعالي عن الخلافات وتجميع الرؤى والمواقف حول تعزيز التضامن الدولي وتفعيل مفهوم الأمن الجماعي في هذا الوقت العصيب الذي يمر به العالم.
شارك رأيك