تستعد تونس إلى عملية رفع الحجر الصحي التدريجي بداية من 4 ماي 2020 و ذلك من أجل إعادة تحريك العجلة الاقتصادية المتوقفة منذ بداية عملية الحجر الصحي العام في 22 مارس الفائت. وفي هذا الإطار من الضروري أن تدرس السلط العمومية مسألة تنظيم عمل وسائل النقل العمومي حتى لا يتسبب الإكتظاظ الذي يميزها عادة في إعادة انتشار وباء الكورونا و قد بدأ ينحسر في بلادنا.
بقلم الأستاذ فوزي عداد *
الواضح أن وسائل النقل العمومي تسببت بشكل كبير في نشر وباء كورونا… حيث أظهرت دراسة أجريت في الولايات المتحدة وجود علاقة متينة بين كثرة رحلات المترو وتواترها والزيادة في الحالات الجديدة المسجلة في مدينة نيويورك.
في المقابل، ثبُت أن انخفاض استعمال المترو في نفس المكان قلّص بنسبة 86 ٪، من عدد الحالات ومكن من استقرارها في نفس المعدل.
الدراسة القادمة من الولايات المتحدة تشير أنه تم تسجيل 41 حالة وفاة لموظفين يعملون بشبكة النقل العمومي في نيويورك وأنه تم تسجيل 6000 الاف حالة ايجابية حاملة للفيروس بين عمال المترو تم وضعهم في الحجر الصحي.
وهنا نستنتج أن إيقاف عمل وسائل النقل العمومي في تونس ربما كان سببا رئيسيا في الحد الكبير من انتشار الوباء وفي تحقيق النتائج المذهلة التي سجلناها رغم عدم جدية البعض في تطبيق الحجر الصحي الشامل. ما يفرض علينا توخي الحذر أثناء العودة إلى النقل العمومي في المرحلة الموالية والتي تتنزل تحت عنوان الحجر الصحي “الذكي” أو “الرفع التدريجي للحجر الصحي” الذي تحدثت عنه الحكومة، والتي سنحتاج فيها الى الحيطة والحذر واليقظة بخصوص احترام التباعد في المسافات بين الركاب… وهو إجراء يصعب فرضه.
ومن ناحية أخرى، يجب فرض ارتداء الكمامات في وسائل النقل، في رأيي، مع الحد من مستعمليه.
و يجب أيضًا تنظيف وسائل النقل وتعقيمها بانتظام، ما يفرض علينا مزيدا من ابتكار الحلول خصوصا في الفترة القادمة… فالحجر الصحي، بقدر ما هو سهل بقدر ما رفعُه، يتطلبُ مزيدا من التّدبُّر والتفكير بشأن انعكاسات الفيروس المحتملة و امكانية تغوله مرة أخرى.
* أستاذ في الأمراض القلبية.
شارك رأيك