لا تزال التعقيدات الإدارية المترتبة عن البلاغات الصادرة من وزارة المالية تطرح العديـد من الإشكالات والتأويلات المختلفـة، مــــن ذلك التحديد النهائي للآجال الجديدة للتصاريح الجبـائية و الإجتماعـية و ماهية الشروط والمقاييس المناسبة لإختيار الشركات التي يمكـن اعتبارها تمر بظروف صعبة ودراسة الوسائل الكفيلة بتعبئة الموارد اللازمة لإعانة الدولـة في آجال قريبة بما في ذلك مراقبة تطبيق الإجراءات التي سيتم إتخاذها.
بقلم جــوهــر تقــتـق *
على إثر إختيار السيد محمد نزار يعـيش لتـقـلد منصب وزيــر المالية في حكومة السيد إلياس الفخفاخ، تـفاءل العديد من الخبراء المحاسبين خيرا نظـرا لخبرته السابقة مع إحدى مكاتب التدقـيق والاستشارة بالخارج و المعـروفة دوليا، فانتظروا منه تقديرا متميـــزا ودعــوة قريبة للاستئناس بخبرتهم و الانتفاع بنصائحهم.
و منذ توليه المنصب، الذي تزامن للأسف مع انتشار وباء الكورونا ببلادنا، اجتمع السيد محمد نــزار يعـيــش بالعديـد من المســؤولين الممثلين للقــــطاعات المهنية و ذلك للنظر في سبـل حماية الإقتصاد من خطـر الإنهـيار و البحث عن الحـل الأمثـل لإنقاذ المؤسسات التي يمكن أن تعيش العديد من الصعوبات.
تجــــاهــل دور الخــبراء المحاسبيــن
و قد انتظر في هذا الخضم المتأزم الخبراء المحاسبون أن يقوم السيد الوزير بدعـوة أعضاء المجلس الوطني لهيئة الخبراء المحاسبين للبلاد التونسية للاستئناس بآرائهم و اقـتراحاتهـــم في ما يخـص الاجراءات التي يجـب اتخاذها للإحاطة بالشركات في هــذا الظرف الدقـيق.
إلا أنه، و بالرغم من معـرفته الجيدة لدورهم الريادي في هذا الميدان بحكم تكوينهـم الأكاديمي و المهني، اقتصر على قبول بعض اقتراحات أعضاء لجنة المالية بمجلس النواب (ثلاثة خبراء محاسبين) في إطار صلاحيات اللجنة ثم قام بدعــوة رئيس جمعية الخـبراء المحاسبيــن الشبان التي بادرت كعادتها بتقـــديم جملة من الاقتراحات الهامة و التي تعتبـــر عصارة مجهود من البحث و الدراسات.
عـدم تسهيــل أعمال الخبراء المحاسبيــن
في هذا الظرف الدقيق الذي يهدد الاقتصاد الوطني بالمرور بأزمة خطيرة يمكـن أن تخلف له العديد من الأضرار، انتظر الخبراء المحاسبون من الوزير جملة من القرارات المتناسقة و الواضحة والشاملة و السريعة التي تبدأ بتوفير الامكانات الضرورية لكل المهنيين للقيام بواجبهم إزاء المطالبين بالضريبة والتواصل مع الإدارة، لكنهم وجدوا أنفسهم مضطـريـن لطلب ترخيص فردي كعامة الناس للذهاب إلى مكاتـبهم عن طريق الموقع المخصص مـن قبل وزارة الصناعة. و قد قوبلت العديد من طلبات الخبراء المحاسبين بالرفـض بــدون أي تبرير أو سبب منطقي وذلك إلى جانب تردد الأجهزة الأمنية في السماح بتنقـل حتى حاملي التراخيص نظرا لعدم وجود تنسيق مسبق بين جميع الأطراف، مما أدى إلى تعرضهم إلى العديـد من الصعوبات للقيام بالأعمال المطلوبة منهم.
تعـدّد البلاغـات غـيــر الواضحــة
في هذا الإطار، بادرت وزارة المالية بإصدار العـديـد من البلاغات عـن طـريـق بوابتها الإلكترونية و عـن طريق صفحتها بموقع التواصل الإجتماعي “فايسبوك”. و قد كانت هذه البلاغات غير واضحة و منقوصة و متضاربة ومبهمة في بعض الأحيان، وهو ما يؤكـــد أنها لم تكن مدروسة و تطرح العديد من التسائلات من حيث ملائمتها للواقع.
و بالرغم من أن هـذه البلاغات قـد طرحـت جــدلا كبيرا بين المهنيين من حيث قيمتها القانونية، إضطر أغلبهم إلى محاولة إحترامها و ذلك بالرغم من الصعوبات الموجـودة في تطبيقها.
إمكانية تلافي الأخطاء
لا تزال التعقيدات الإدارية المترتبة عن البلاغات الصادرة من وزارة المالية تطرح العديـد من الإشكالات والتأويلات المختلفـة، مــــن ذلك التحديد النهائي للآجال الجديدة للتصاريح الجبـائية و الإجتماعـية و ماهية الشروط و المقاييس المناسبة لإختيار الشركات التي يمكـن اعتبارها تمر بظروف صعبة ودراسة الوسائل الكفيلة بتعبئة الموارد اللازمة لإعانة الدولـة في آجال قريبة بما في ذلك مراقبة تطبيق الإجراءات التي سيتم إتخاذها.
فهل يمكن للسيد وزير المالية أن يتفطن إلى أن التنسيق مع “طبيب المؤسسة الإقـتصادية” الخبير المحاسـب سيمكن من تصحيح الإجراءات الجديدة المعلنة و تفادي الإشكالات العملية في تطبيقها ؟
فلننتظر ….
* خبيــر محاســـب (عضو بهيئة الخبراء المحاسبين بالبــلاد التونسيـة).
شارك رأيك