في خضم “الخوضة” على صفحات الفايسبوك ليتحول رواده بجميع اصنافه منذ ظهر امس الأربعاء 29 افريل، عندما راج خبر إيقاف سليم شيبوب (رجل الاعمال و أحد وجوه رؤساء الترجي الرياضي في السابق و صهر الرئيس الراحل زين العابدين بن علي) بتهمة تحرش على الاعلامية عربية حمادي، هي الاخرى مثيرة للجدل، من لسان دفاع عن هذا و ذاك دون المام بخفايا القضية التي لازالت لدى التحقيق، و تصبح القضية قضية رأي عام متصدرة جميع الاحداث في البلاد على علاقة بتداعيات أزمة الكورونا بكماماتها و حظرها و استراتيجية الحجر الصحي الموجه و تمديد حالة الطوارئ و التعيبنات “المريبة” و التغول في البرلمان من طرف النهضة الاسلامية و تركيز منصات الذباب الأزرق من جديد للسب و الشتم و التهديد و ما ورائيات الاتفاقيات مع قطر و خاصة المريبة مع الاتراك، ترجع بنا صباح اليوم الخميس 30 افريل النائبة السابقة بشرى بلحاج حميدة وهي محامية و ناشطة في المجتمع المدني، الى عمق القضية و الى مدى ادراك الشعب بأن هناك اصلاحات في التشريعية لاستقلالية القضاء منذ الثورة على النظام السابق، و الى مدى وعي الشعب لأن القضية اصبحت قضية وعي يقوم بهتكها الافراد و المؤسسات على بكرة ابيهم و من بينها الاعلام.
تستعرض بلحاج حميدة في تدوينة نشرتها تعقيبا على كل ما يحصل في البلاد على جملة من الاخلالات في النسيج الاجتماعي ككل و القضية من الاساس هي حسب ما استنجناه قضية وعي قبل كل شيء.
“قضية أخرى تثير عدة تساؤلات حول مدى تطور فهمنا ووعينا كأفراد و كمؤسسات وهي قضية سليم شيبوب. كأفراد ، المزعج هو قدرة البعض على سرعة الحسم في القضية و ذلك سواء بالإدانة أو بالبراءة من طرف جزء مهم من الفايسبوكيين والذي يؤكد عدم الإلمام بمثل هذه القضايا والمعرفة بمدى تعقدها . و لكن الأكثر إساءة في مثل هذه القضايا هو اعتماد مقياسي جمال و سن الضحية أو بالأحرى مقاييسهم “للسخرية و الاستخفاف و “النطق بالبراءة ” .
و الأغرب أن من ضمن هؤلاء من تحمس و طالب بالإعدام في قضية الشاب الذي اتهم باغتصاب العجوز دون إثارة سن الضحية و لا جمالها للتشكيك في الإدانة أو إثارة قرينة البراءة .
هذه المواقف إنما تؤكد أننا لم نخط خطوات جدية في معالجة قضايا العنف ضد المرأة لكي ندرك ببساطة أنه لا توجد ضحية مثالية لتكون كذلك كما لا يوجد معتد مثالي بوصفة جاهزة ليكون كذلك واننا كأفراد لم نستبطن أدنى الحقوق الأساسية للأفراد و أن الطريق مازال طويلا و عسيرا خاصة في ظل مؤسسات لم تستكمل إصلاحها و خاصة وسائل الإعلام و القضاء وانا تاني الأسئلة المتعلقة بالمؤسسات ودورها.
فوسائل الإعلام من خلال شيطنة حقوق الإنسان و الحقوقيين و هذا على امتداد عشرات السنين ففي عهد النظام السابق كانت محصورة في بعض الأشخاص و الصحف و الإعلاميين الموالين للسلطة أما اليوم و بفضل الحرية أصبحت الشيطنة متعددة الأهداف و الأوجه و الوسائل و المواد الامر الذي صعب على المتلقين إمكانية التعامل العقلاني مع مثل هذه القضايا وصعب عليهم الخروج من دائرة الأهواء و نزعات الغش في في ذاك او التعامل على تلك .
و من جهة وضع القضاء فقد بان عجزه في استرجاع ثقة المواطنين و المواطنات رغم الإصلاحات التشريعية التي تمت بعد الثورة و رغم توفر الفرصة و لأول مرة في تاريخ تونس لكي يلعب دورة كاملا كسلطة مستقلة قوية و عادلة إذ انها تتعامل مع هذه القضية وهي ليست المثال الوحيد بنجاعة و سرعة لم تلقاها أغلبية ضحايا العنف من أطفال و نساء .
يوميا يلتجئ هؤولاء إلى القضايا (الشهادات متوفرة لمن يطالب بها ) و لا يجدون هذه العناية الفائقة بل أنه البارحة ليلًا اتصلت بي امرأة في حالة رعب و في حالة نفسية منهارة أثرت حتى على عائلتها لأنها ضحية هرسلة من طرف شخص هرسلة بدأت على مواقع التواصل الاجتماعي حتى وصلت إلى وقوفه أمام بيتها .
و قدمت شكاية و اعترف بكل الأفعال المنسوبة إليه و لم يقع إيقافه . اليوم هذه السيدة تشعر أنها مهددة في حياتها و المتهم معترف و هو في حالة سراح و لم يتخذ أي إجراء لحمايتها .
نعم سرعة التحرك و حسن العناية و اتخاذ كل إجراءات الحماية كل هذا مطلوب في كل القضايا بدون استثناء .
بينما عندما يكون العادي استثناءً فيصبح من حقنا أن نتساءل اذا كانت هوية المشتبه به أو هوية الضحية ما حسم سرعة القرار في هذه القضية ؟
مهما كانت الإجابة فهي دليل قاطع أن القضاء على ما هو عليه مازال في حاجة إلى ثورة حقيقية لا يمكن أن تحصل إلا من داخله وهو ما سيساعد ثورة على ثورة في وعي الأفراد وبقية المؤسسات كالاعلام .”
شارك رأيك