و هذه قضيّة جديدة يقذفونها في وجوهنا لِتُلهينا… و كأنّ كلّ ما نحن فيه ليس يكفينا! في عزّ الأزمة الصحيّة التي لم نعرف لها من قبل مثيل و في عزّ الأزمات المتراكمة من قبلها و من بعدها، تخرج علينا عربيّة بن حمادي، الإعلامية لم نرى لها عملا يذكر في ميدانها، لتتقمّص أمامنا و بمنتهى الفخر، دور ضحيّة تحرّش جنسي من سليم شيبوب، رجل مشهور كان يوما صهرا للدكتاتور بن علي.
بقلم كريمة مكي *
السيّدة الإعلامية التي لا نراها في الإعلام إلاّ في خروجات منظّمة لإثارة مشكلة من هنا و هناك مع هذا أو ذاك من دون أن نفهم حقّا دواعيها أو نعرف حتى من يُموّلها و يحميها… هذه السيّدة و بعد جهد جهيد بذلته هي و زوجها المحامي (!!) في التخطيط و التنسيق و التسجيل، خرجت علينا هذه المرّة بخبر أنها هي من كانت سببا في إيقاف السيّد سليم شيبوب و ايداعه السجن بتهمة التحرّش الجنسي.
لم نسمع للسيّدة عربيّة بن حمادي أيّ اهتمام حقيقي بقضيّة التحرّش العادلة التي تعاني منها نساء من كلّ المستويات الإجتماعية في الشّارع و في مواقع العمل في كلّ العالم حتّى أنّها مسّت أشهر النّساء على وجه الأرض: نجمات هوليود فأطلقن منذ سنتين فقط حملة “أنا أيضا” لفضح المعتدين من أصحاب النّفوذ المالي و الأدبي كالمنتجين والمخرجين و غيرهم.
فهل أنّ السيّدة عربيّة قرّرت أن تساهم، من موقعها، في الحملة العالميّة؟
و لكن هل تربطها بالسيّد شيبوب علاقة شغل؟؟ أو هل له عليها سلطة، من أيّ نوع، أو نفوذ؟؟
هل اعتدى عليها في مكان عام أو خاص؟؟؟
على حسب ما يقال، هي مجرّد محادثات جمعت بينهما عل الانترنت! و على ما نعلم هما شخصان بالغان و راشدان…و أمّا هي فقد تكلمت معه بعلم زوجها و أما هو فإن لم تعلم زوجته فيبقى أمامها هي فقط، المسؤول.
ذن ما دخلنا نحن، و ما دخل الإعلام و ما دخل الجمهور!؟
يبدو أنّ السيّدة عربية أرادت أن تكشف للنّاس الوجه الحقيقي للسيد شيبوب فكشفت لنا، من حيث لا تدري، عن المخفي من وجهها هي فقط، إذ يبدو أنه قد فاتها أن السيّد شيبوب قد صار مع الوقت جدّا مكشوف و قد كشف نفسه بنفسه بعد الثورة فما عدنا في حاجة لمن يقدّمه لنا أو يكشف لنا منه شيئا قد يكون ظلّ مستورا.
كلّنا يعرف صهر الرئيس الذى فعل في تونس ما أراد بالرياضة و بالمال العام ثمّ فرّ هاربا إلى الخليج، زمن الثورة، ليختفي فترة قبل أن يُطلّ علينا من هناك، عارضا مصالحة مالية خيالية مع الدولة من خزينته الخاصّة و من شقاء عمره.
يومها تكلّم المذكور من منفاه واضعا قناع اللباقة و مستعملا دهاءه بطلاقة طالبا من التونسيين الصفح الجميل ليعود فقط إلى عائلته و زوجته التى تعاني الدّاء العضال.
و كان له ما أراد… و عاد!
و ما إن عاد حتى عاد للظهور الإعلامي الذي يعشقه ليبهرنا – كما اعتاد أن يظنّ – بعلومه الكروية و السياسية، و مع كل حديث له كنّا نكتشف حقيقته القبيحة القابعة خلف وجه جميل و لسان فصيح يُبهر الغافلين.
فها هو في مرّات عدّة يشتكي مصادرة أمواله و عجزه عن تسديد حتّى ثمن فنجان قهوة في حركة تسوّل واضحة لاستدرار أموال من هذا و ذاك و هي حركة لا يأتيها إلاّ جوعى القلوب الذين احترفوا دوما جمع الأموال بهذا الأسلوب!
و ها هو و في سقطة أخلاقية كبرى يعترف بالصوت و الصورة أنه فخور بكل التجاوزات الصّارخة للمواثيق الرياضية التي ارتكبها يوم كان رئيسا لفريق الترجي التونسي قائلا : “نعم خرقنا القانون و قدمنا الرشاوي للحكام وفعلنا كل شيء اتهمونا به و ذلك كله من أجل… الترجي” !
و كأن هذه العبارة الأخيرة التي يدغدغ بها قلوب جماهير النّادي العريق تغفر له خطاياه في حقّ الرياضة و سمعتها وشرفها و نبلها و أخلاقها و قوانينها.
هل رأيتم تبجح و استفزاز المرضى المغرورين و المتملقين؟
ها هو يتبجح بجرائمه و هو اليوم خارج السلطة !
أراكم تتصوّرون ماذا يفعل لو عاد لها أو عادت له من أيّ طريق.
ليتكم فقط تتصورون و ستدركون هول الخسارة التي نتكبّدها اليوم لأننا عفونا بتسامح أو بتواطؤ و رفضنا أن يمضي سيف الثورة المسلول في هؤلاء و فقط بالقانون و يشهد الله أنّنا لم نطلب شيئا آخر غير إنفاذ القانون.
هل مازلنا بعدُ سنستغرب إن كان مثل هذا الرجل الذي ينهب و يُفسد و يستفز، يمكن أن يغدر بزوجته أو يخون.
من يفعل اليوم مع زوجته ما فعل و هي التي أوصلته يومها إلى كلّ ما إليه و صل، لا يستحق يا سيّدة عربية أن تفتعلي له هذه القضيّة التي تريدين لها فعل القنبلة في مجتمع يئن بطبعه تحت ضربات القنابل من كلّ الجهات.
ولكن… دعيني أهمس في أذنك و أقول: قنبلتك فارغة يا “أستاذة” رغم أنّك جمعتِ فيها بهارات عدّة كفيلة بخلق فتنة في البلاد لتداخل السياسة فيها بالرياضة، بالجنس و بالإعلام…
قضيتك باطلة يا “أستاذة” لأنها ككلّ ملف مركّب و موجّه ومخطّط له لغرض شخصي بحت بدعوى خدمة الشأن العام لا يُمكن أن يُكتب له النّجاح بل إنّه عادة ما يعود على صانعه بالوبال، و لذلك فأنت قد أسأتِ لنفسك من حيث أردتِ العكس و المؤسف والمحزن حقاّ أنك قد أسأتِ كذلك لقضية النساء العادلة و لكلّ النساء المُكْتَوِيَات بنار التحرّش في صمت و اللاتي لا يملكن الرفاهية التي امتلكتها و أنتِ تُخطّطين و تُسجّلين و تُراودين و تُبلّغين!!
من يُريد أن يهتمّ به الإعلام ليوم و ليلة، يفعل ما فَعَلْتِ.
أمّا من يُريدُ أن ينفع النّاس حقّا فليترك الطرق الباطلة عند طرح القضايا العادلة.
* كاتبة و مدونة.
شارك رأيك