ما نشره الوزير السابق مساء اليوم السبت 16 ماي جاء في قالب حق الرد لان ما تم نشره في أواخر أفريل الماضي حول السيولة المالية على الصفحة الرسمية لوزارة الشؤون الثقافية على علاقة بمهامه.
من محمد زين العابدين، وزير الشؤون الثقافية الأسبق
إنارة للرأي العام وإتاحة لحق النفاذ إلى المعلومة
خلافا لما وقع الإيهام به عن طريق الصفحة الرسمية للوزارة بتاريخ 21 أفريل 2020 ، تتوفر بالوزارة سيولة مالية مهمة حرصنا على توفيرها للإدارة الوافدة بغية حثها على مزيد العمل والاجتهاد والنجاح. ففي نجاح الحكومة الجديدة نجاح الدولة و كل وطني نزيه و مسؤول أمين لا بد أن يسعى إلى احترام علوية الدولة و حسن استمراريتها.
– تقدرميزانية وزارة الشؤون الثقافية بعنوان 2020 ، بعد مناقشتها بمجلس نواب الشعب، ب 351 مليون دينارا صرفا ، 119 مليون دينارا تعهدا .
– تقدرالفواضل المتوفرة بالوزارة بعنوان سنة 2019 ب 40.598 مليون دينارا وتتمثل في فواضل اعتمادات العنوان الثاني المحالة إلى المجالس الجهوية فهناك فواضل تعهد (19 مليون و640 الف دينارا) وفواضل دفع ( 16 مليون و 958 ألف دينارا). يضاف إليها مجموع فواضل ميزانيات المندوبيات الجهوية للشؤون الثقافية المقدرة بحوالي 4 مليون دينارا. علاوة على أن العديد من المؤسسات العمومية ذات الصبغة الادارية أوغير الإدارية الراجعة بالنظر للوزارة لديها في أول سنة 2020 سيولة مالية هامة تصل إلى أكثر من 18 مليون دينارا دون اعتبار تحويل ميزانية سنة 2020.
– أما المتخلدات ، فإنها تقدر ب 42.700 مليون دينارا و تتعلق أساسا بنفقات التسيير الخاصة بالمؤسسات الراجعة بالنظر للوزارة وهي مؤسسات تتمتع بالاستقلالية المالية و الإدارية (خلاص معاليم الكهرباء والماء والهاتف والانترنات ) والتي تصل إلى حدود 12 مليون دينارا. وكذلك نفقات تأجيرالوكالة (وضعية قائمة منذ سنة 2012 وقد قامت الوزارة بتمكين الوكالة من اعتمادات إضافية لمجابهة هذه الوضعية بتحويل 4 مليون و953 ألف دينارا). و جزء آخر من الديون يخص التصرف الإداري والمالي لمدينة الثقافة و نفقات التسيير (كهرباء ، ماء ،حراسة ، تنظيف) وهي في حدود 4 مليون و 889 الف دينار متأتية أساسا من تصرف سنة 2018 التي عهد إلى المركز الوطني للسينما والصورة في مرحلة أولى والى مسرح الأوبرا في مرحلة ثانية ( تسيير : مليون و 853 الف دينارا ، تدخل : مليون و479 ألف دينارا وتم خلاص هذه المبالغ بعنوان ميزانية سنة 2019 وبقيت متخلدات تقدر بمليون و555 ألف و527 دينارا ) .
وتجدر الإشارة إلى أن قسم وسائل المصالح بالوزارة والمؤسسات الراجعة إليها بالنظر لم يشهد تطورا ملحوظا باعتبار أن مناشير وزارة المالية منذ سنوات تعود إلى ما قبل سنة 2016 لم تسمح بالترفيع في ميزانية التسيير الا في حدود 3 % ، وعلى الرغم من ذلك أعدت الوزارة في العديد من المناسبات ملفا بخصوص المتخلدات تجاه المؤسسات الوطنية وأرسل لوزارة المالية قصد جدولة هذه المتخلدات، كما تجدر الإشارة إلى أن الوزارة قامت بامضاء محضر جلسة حول جدولة الديون مع شركة الخطوط التونسية
إن الجزء الأكبر من الديون يتصل بالمزودين و كما هو معمول به في كل الوزارات، فلقد خولت التراتيب الجاري بها العمل خلاص التعهدات التي يتعذر القيام بها خلال السنة السابقة فتبويب الميزانية يتضمن فقرات فرعية تهم خلاص المتخلدات منها الفصل 02236 الفقرة 9000 : الفقرة الفرعية 384 متخلدات تجاه STEG /الفقرة الفرعية 385 متخلدات تجاه شركة استغلال وتوزيع المياه/الفقرة الفرعية 386 متخلدات تجاه اتصالات تونس/الفقرة الفرعية 387 متخلدات تجاه المطبعة الرسمية/ الفقرة الفرعية 391 متخلدات تجاه الشركة التونسية للتامين و إعادة التأمين / الفقرة الفرعية 392 متخلدات تجاه مزودين آخرين….( يراجع في الخصوص مراسلة مراقبة المصاريف العمومية المؤرخة في 18 فيفري 2020 التي طلبت بمقتضاها ضبط قائمة محينة للمتخلدات مع بيان الطريقة والآجال المقترحة للخلاص).
1/ الاستنتاجات:
– أمام المطالبة المشروعة بتسديد الديون من قبل المزودين و الفنانين و المبدعين، فإن وزارة الشؤون الثقافية لها من الميزانية و سيولة الأموال المتوفرة ما يجعلها قادرة على خلاص أغلبها من فواضل الميزانيات الناتجة عن غلق ميزانية سنة 2019 التي ذكرت وليس من ميزانية سنة 2020 . و الإدارة الثقافية قادرة على ذلك متى ما استعادت عملها العادي الذي تعطل من جراء الإجراءات الوقائية التي إتخدتها الحكومة تبعا لجائحة الكورونا.
-إن المبلغ الجملي بالنسبة لمجموع المتخلدات لفائدة الفنانين و المحمولة على كاهل الإدارة المركزية تبلغ حوالي 1.6 مليون دينارا . أما بقية المتخلدات فهي تعود بالنظر إلى المؤسسات العمومية الراجعة بالنظر للوزارة (المندوبيات، المؤسسة الوطنية لتنمية المهرجانات والتظاهرات الثقافية والفنية ، المركز الوطني للسينما والصورة، مسرح الأوبرا …) فهي متخلدات تهم خاصة نفقات التسيير والتأخير ونفقات لفائدة المزودين وخلاص التظاهرات. علما أنه بالنسبة لمتخلدات الفنانين لدى الإدارة المركزية تجدر الاشارة الى أن تعذر عملية الإنجاز خلال سنة 2019 ناتج أساسا عن الإجراءات الإدارية التي تضبط عملية الخلاص والتي تتمثل خاصة في ضرورة توفر شهادات الإنجاز وقيام اللجنة بمتابعة وتقييم العمل وكذلك باعتبار أن البعض من المستفيدين تكون وضعيتهم الجبائية غير مسواة هذا فضلا عن أن بعض النفقات المتعلقة بالعروض تقتضي دفع 60 % او 75 % من المبلغ الجملي ويبقى دفع بقية المبلغ مربوطا بإنجاز العمل الفني ، ففي قطاع المسرح وبعد صرف القسط الأول ( 60٪) تتخول لجنة الشراءات لمشاهدة العروض المدعومة ويتم كذلك توجيه مراسلات بالاعتماد على تقارير لجنة المشاهدة وملاحظات لجنة الدعم لمراجعة وتقويم بعض النقائص للعمل المدعوم ثم إعادة العرض ثانية أمام اللجنة للبت فيه ، وهذا يخلق بعض التأخير في عملية الخلاص .
-أما بالنسبة للمتخلدات الخاصة بالجمعيات بعنوان سنة 2019 ، فهي تقدر بحوالي 900 ألف دينارا ويرجع عدم خلاصها خلال سنة 2019 إلى تراجع وزارة المالية عن تمكين الوزارة من اعتمادات تدخل في حدود 843 الف دينارا وذلك بعد أن أعطت موافقتها (مراسلة وزارة المالية عدد 429 بتاريخ 11 مارس 2020).
كما يجدر التذكير بصندوق التشجيع على الإبداع الأدبي والفني بعنوان 2020 و جملة الموارد المتوفرة به وهي تفوق 30 مليون دينارا. كما يبرز كشف في المبالغ المتوفرة بحساب الصندوق في موفى سنة 2019 وجود اعتمادات تقدر بحوالي مليون دينارا تخص بقية القطاعات الفنية باستثناء قطاع الموسيقى والفرجة الحي. علما أنه ترد على الوزارة عدد هائل من الملفات يجعل عمل اللجان الفنية واللجنة الاستشارية يستغرق وقتا كبيرا لفرز الترشحات ثم تقييم الملفات الإبداعية فالإعلان عن النتائج ، ككل السنوات التي تلت إحداث الصندوق ، تتم في آخر السنة .
كما أنه في إطار تنفيذ التزامات الوزارة بخصوص التظاهرات الثقافية الصيفية تم تحويل الاعتمادات في إطار مشاريع ثقافية في حدود 7 مليون و 700 ألف دينارا ( تعذر تحويل 175 ألف دينارا تخص ولايتي منوبة وبنزرت). كما قامت الوزارة بتطوير الاعتمادات الخاصة بالأعمال والقطاعات الفنية لتبلغ الزيادة 6 مليون دينارا لفائدة الفنانين و المبدعين بعنوان 2020.
-أما بالنسبة للمتخلدات خاصة المتعلقة بالعروض الفنية، فوجب التذكير بأن مراقبة المصاريف العمومية لم تقم بالتأشير على صرف الإعتمادات و خلاص الديون بداية 2020 و ارتأت أن يتم ذلك من قبل الحكومة الجديدة للمتابعة و التثبت مما سبب تأخيرا كبيرا في تسديد الديون المتخلدة. علاوة على أنه يتعذر سنويا تأمين عملية خلاص النفقات في شهر ديسمبر لأن غلق التصرف الإداري في التعهدات وإرسالها الى مراقب المصاريف العمومية يكون مقيدا بآجال تعلن عنها وزارة المالية ، كما أن وزارة المالية تتولى كل بداية سنة غلق المنظومة الخاصة بالتصرف في الميزانيات لمدة معينة . و إن تعذر خلال بداية سنة 2020 الشروع في خلاص المتخلدات فذلك بسبب فتح ميزانية الدولة الذي بقي مرتبطا بمصادقة مراقبة المصاريف العمومية على البرنامج السنوي للنفقات (مراسلة مراقبة المصاريف العمومية المؤرخة في 18 فيفري 2020 حيث ثم عقد جلسة عمل بتاريخ 24 فيفري 2020 لضبط طريقة تنفيذ البرمجة السنوية للنفقات بعنوان السنة المالية 2020 ولتقييم تنفيذ ميزانية 2019 ).
2/ المقترحات
-إن جائحة الكورونا لن تبرر تغافل الدولة عن احترام حقوق المثقفين والفنانين و المبدعين من خلال إلقاء المسؤولية عبثا على الإدارة السابقة سيما وأن الوزيرة الحالية طرف من نفس هده الإدارة بصفتها مديرة عامة للمركز الوطني للسينما و الصورة و استمرت في مسؤوليتها هده الى أواخر سنة 2019.
ننتظر من الحكومة الجديدة أن تدعم مسيرة الإصلاح و إعادة الاعتبار لقطاعي الثقافة و التراث و قد تحقق خلال السنوات الأخيرة الشيء الكثير, من إحداثات كبرى ما شمل “مؤسسة مسرح الأوبرا” و “مؤسسة متحف الفن الحديث و المعاصر” و”مؤسسة مسرح فن العرائس” و “مركز تونس الدولي للاقتصاد الثقافي و الرقمي” و “قصر السعيد قصر الثقافة و الآداب و الفنون بباردو”. و مكاسب أخرى ما شمل كل الاختصاصات و الهياكل و المؤسسات و التظاهرات و الولايات التي حظيت في عدد منها بموافقة وزارة المالية, 11 معهدا عموميا للموسيقى والرقص في شكل مؤسسات عمومية ذات صبغة إدارية، 24 مكتبة جهوية في شكل مؤسسات عمومية ذات صبغة إدارية، و أخرى بمبادرة تأسيسية لضرورة حتمية يدركها أهل الفكر و الأدب و الفنون و منها المكتبة السينمائية و بيت الرواية إضافة إلى تعميم مراكز الفنون الدرامية والركحية على كل الولايات و الجزر و إحداث “المجلس الوطني للثقافة” و “معهد تونس للفلسفة” و “المدرسة التونسية للتاريخ و الانتروبولوجيا” و تعميم أيام قرطاج على كل الفنون لتنال حقها في تجسيم فعلي لمبدأ الديمقراطية الثقافية لجميع المبدعين و الإبداعات, بالإضافة إلى إحداث “مركز الإستثمار الثقافي” ليعاضد جهود “مركز تونس للاقتصاد الثقافي الرقمي” و”مركز تونس الدولي للحضارات” و “الخزينة الوطنية للفنون التشكيلية”. علاوة على إحداثات أخرى هامة تمت دون تمكين الوزارة من الاعتمادات اللازمة. فمعاهد الموسيقى والرقص لم يتم تمكينها من ميزانية تسيير وتدخل والمكتبات الجهوية لم يتم تمكينها من ميزانية تسيير مما إستوجب تدخلا مباشرا تعهدت به الوزارة من باب المستحقات الأكيدة للقطاع و أهل الثقافة و دورهم الطلائعي في النهوض بالمجتمع و الوعي الجمعي بقضايا الفكر و الإبداع و الانسانيات. وجب إدن دعم التوجه الإصلاحي لعمل الوزارة خلال السنوات الأخيرة في المستويين الهيكلي والاستراتيجي لتعبر أكثر فأكثرعن طموح الثقافة والمثقفين التونسيين جهويا و وطنيا و دوليا.
كل تقليص من الميزانية أو الخصم منها من جراء جائحة الكورونا سيكون مآله تراجع عن المكاسب التي حققنا و انهزام للمبدعين و المثقفين. فإن لم تستطع الدولة الترفيع في ميزانية الوزارة فالأولى الإبقاء عليها مع السعي الحثيث لعودة المبدعين الى العمل في أقرب الأوقات. لا يمكن أن تتجاهل الحكومة دورالثقافة و التراث التنموي و الاقتصادي و الاجتماعي و ضرورة إحاطته بكل التقدير و التنويه و الإشادة.
ضرورة مواصلة الوزارة للمجهود الذي قامت به الإدارة السابقة بخصوص تسوية الوضعية المهنية والاجتماعية الخاصة بخريجي بئر الباي و المنشطين بحساب الحصة من خلال الحصول على موافقة وزارة الشؤون الاجتماعية على التغطية الاجتماعية وموافقة وزارة المالية على برمجة مناظرة خارجية للانتداب وكذلك الترفيع في عدد الحصص، مما يقتضي من الإدارة الحالية مواصلة المجهود قصد إيجاد الحلول القانونية لخريجي معاهد التنشيط الثقافي و اخصاصات الفنون و الحرف بتمكينهم من تسوية وضعياتهم المهنية و الاجتماعية.
ضرورة إيجاد الحلول القانونية لمدرسي الموسيقى بحساب الساعة بالمعاهد العمومية للموسيقى والرقص بتمكينهم من تسوية وضعياتهم المهنية و الاجتماعية.
ضرورة التفرغ لإعطاء مزيدا من الوسائل و الموارد للمرافق العمومية الثقافية و التراثية و المكتبية و الفنية في كل الجهات و الانطلاق في تأهيلها كي تلعب دورها الطبيعي في الارتقاء الفكري و الجمالي والمواطني.
مزيد العمل على إيلاء التشريعات حقها في النهوض بحقوق الفنانين و المبدعين و إسناد المبادرة الحرة و المستقلة لتعاضد جهود الدولة في الارتقاء بالعمل الثقافي محليا و جهويا و وطنيا لخلق الثروات البشرية و المادية التي تحتاجها البلاد في الظرف الكارثي الحالي. علما أن الادارة السابقة تقدمت بالعديد من المقترحات وتمكنت من الترفيع في الميزانية الخاصة بالمبدعين والعاملين في الميدان الثقافي من 300 الف دينار إلى مليون دينار بعنوان ميزانية سنة 2020 وكذلك تعميم تطبيق نسبة الخصم من المورد وهي 5% المعمول بها حاليا بخصوص المكافآت المدفوعة للفنانين بعنوان إنتاج وتوزيع وعرض الأعمال المسرحية والركحية والموسيقية والأدبية والتشكيلية على كافة الفنانين بمختلف أصنافهم في جميع القطاعات الفنية اضافة الى تمكين مؤلفي النصوص الأدبية والعلمية والفنية بخصوص العائدات المالية التي يحصلون عليها بعنوان حقوق المؤلف والحقوق المجاورة.
و أخيرا،
لقد حاولنا خلال السنوات الفارطة أن نراكم النجاحات و نبني على الإيجابيات التي تحققت خلال عقود من عمل أتته الدولة الوطنية بفضل إدارتها و جهود مثقفيها و مبدعيها و سياسييها.
نأمل أن يكون كذلك قدرالحكومة الجديدة… أن تراكم الإنجازات و تؤدي الأمانات إلى أهلها.
والله ولي التوفيق.
شارك رأيك