نشر المحامي عماد بن حليمة اليوم الاثنين 18 ماي تدوينة على صفحته الرسمية بالفايسبوك ، في قالب مقال ليس بالتحليلي فحسب بل فيه مكافحة وجها لوجه مع من تخول له نفسه التحيل باسم القانون و هو براء منه في عملية سطو ممنهجة و واضحة على الدولة.
و كان الرد واضحا للاستاذ بن حليمة في خضم هذا العراك بين الديمقراطيين الذين يؤمنون بقوانين الدولة المدنية و الاسلاماويين الذين باتوا لا يخفون مشروعهم المتطرف و الظلامي في محاولات لتمرير في كل مرة “لقشة” منه كما يحلو لعبد الكريم الهاروني رئيس مجلس الشورى الاسلامية تسميتها، للانقضاض على جميع مفاصل الدولة، و بمناسبة إعلان فتحي العيوني رئيس بلدية الكرم الذي خدم بعينيه نظام رئيس الجمهورية الراحل بن علي قبل ان “يقلب الفيستة” و ينتصب و كأنه مفتي للديار التونسية و يطلع لنا بإنشاء صندوق الزكاة، في عملية تحيل واضحة لا على القوانين فحسب بل باسم الدين على الناس البسطاء.
”
إتحاف أهل الزمان بأخبار أمير الكرمستان
في إطار الخزعبلات الإخوانية و إستغلال الدين للتحيل على الناس طالعنا السيد رئيس بلدية الكرم بما أسماه بإحداث صندوق زكاة وهو ما إعتبره البعض تهديدا لمدنية الدولة و كذلك لوحدتها في ما علقت كتائب الإخوان على مناهضة هذا المشروع بالتكفير و بمعداة الدين .
الحقيقة أن الأمر لا يتجاوز قدر الفولكلور و الإستفزاز غير المقبول و المناقض للقانون وهو بمثابة ردة الفعل على اسقاط الفصل المتعلق بإحداث صندوق زكاة بقانون المالية لسنة 2020 .
جاء بالفصل 14 من الدستور أن الدولة تدعم اللامركزية في كامل التراب الوطني و في إطار وحدة الدولة و عليه فإن الجماعات المحلية لا يمكن أن تصبح إمارة و تتمرد على السلطة المركزية التي تبقى هي الماسكة بمكونات وحدة الدولة .
جاء بالفصل 131 من القانون الأساسي عدد 29 لسنة 2018 المؤرخ في 09/05/2018 المتعلق بمجلة الجماعات المحلية أن الدولة تتكفل تدريجيا و بواسطة قوانين المالية و القوانين الجبائية و القوانين المتعلقة بالأملاك بجعل الموارد الذاتية تمثل النصيب الأهم لموارد كل جماعة محلية و تلتزم السلطة المركزية بمساعدة الجماعات المحلية على بلوغ التكافؤ بين الموارد و الأعباء .
نص الفصل 132 من نفس القانون الأساسي المذكور على أنه من بين الموارد الذاتية للجماعة المحلية الهبات غير المخصصة المصادق عليها من قبل مجلس الجماعة المحلية في نطاق ما يقتضيه القانون و قد جاء بالفصل 137 من ذات القانون ان الهبات تعد من بين فصول تمويل الميزانية و اوجب الفصل 138 على الجماعة المحلية فتح حساب خاص لدى محاسبها العمومي لرصد محصول الهبات و تخصيصه وجوبا لتمويل آو المساهمة في تمويل مشاريع ذات مصلحة عامة .
الواضح إذا أن الهبات المالية وهي المساعدات التي تتلقاها الجماعة المحلية من المواطنين أو من المنظمات أو من مختلف الهياكل تصرف في مشاريع تنموية من طرف المحاسب العمومي الذي يعينه وزير المالية لإدارة أوجه التصرف المالي في ميزانية البلدية و عليه فإن رئيس البلدية لن يكون في موقع السلطان الذي يتصرف في صندوق الزكاة و يقدم للناس أكياسا من الذهب و الفضة و للفقراء و محتاجين و لا يملك سلطة التصرف في الحساب الجاري المفتوح و لا يقدم مساعدات مالية للناس وهو غير مؤهل لذلك طبقا للقانون الأساسي المشار إليه و لمجلة المحاسبة العمومية .
لكن لماذا فضل السيد رئيس بلدية الكرم إستعمال عبارة صندوق الزكاة و الحال ان الأمر يتعلق بحساب جاري للهبات لدعم المشاريع التنموية للبلدية ؟
يبدو أن السيد رئيس البلدية ذو المرجعية الإخوانية إنتصب مفتيا للديار التونسية و يبدو أنه يكون بذلك قد أصدر فتوى مفادها أن تقديم العون المالي للبلدية يخرج مخرج القيام بواجب الزكاة بإعتبارها احد أركان الإسلام الخمس فضلا على ان ذلك يعتبر تحيلا بإستعمال الدين و اللعب على مشاعر الناس لإعطاء تقديم الإعانة المالية للبلدية مسحة دينية و ربما سيعتبر ان من لا يقدم ذلك الدعم يعد متخلفا عن أداء فرض ديني و يعتبر من الخوارج .
هذه عينة من فيروس إخواني يحاول الإنتشار في جسد الدولة لتفتيته و إنشاء إمارة تقطع مع وحدة الدولة التي يضمنها الدستور .
ملخص الحديث أن ما سمي بصندوق الزكاة هو مهاترة اخوانية ما كنت أتوقع أن تصدر عن رجل قانون لكن يبدو أن ثقافة النجاسة التي تبررها السياسة تقدم على الثقافة القانونية و بالنهاية الأمر لا يعدو أن يكون فتح حساب جاري لتلقي هبات لدعم العمل البلدي .
الأستاذ عماد بن حليمة 18 ماي 2020 “
شارك رأيك