في بيان أصدره بتونس اليوم الثلاثاء 19 ماي 2020 حول توجّهات الحكومة في ميزانيّة 2021 ينتقد حزب العمال الخيارات الليبرالية للدولة وإجراءاتها التقشّفيّة و يعتبر أنّ خلاص البلاد من الوضع الخطير الذي هي فيه لا يمكن أن يتمّ إلاّ باعتماد سياسة اقتصادية جديدة وشجاعة تستعيد فيها الدولة دورها الريادي. و في ما يلي نص البيان…
تناقلت وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي في الأيام الأخيرة رسالة رئيس الحكومة التوجيهية لضبط ميزانية السنة القادمة. وكما كان متوقّعا كشفت الحكومة صراحة عن خضوعها لتعليمات صندوق النقد الدولي. ذلك أنّ كلّ الإجراءات التي تعتزم اتّخاذها في ميزانيّة العام القادم وردت بحذافيرها في وثيقة قرض ماي 2016. وهي إجراءات تقشّفيّة سيكون المتضرّر الأول منها الشعب التونسي وخاصة الشباب المعطّل عن العمل ومحدودي الدخل وكلّ الفئات الفقيرة والجهات المحرومة.
وقد برّرت الحكومة سياستها هذه بالأزمة العالمية الناجمة عن وباء الكورونا وبتراجع النشاط الاقتصادي وموارد الدولة وشح السوق المالية العالمية وصعوبات المناخ لتضفي الشرعية على التقدم في “الإصلاحات الهيكلية” وإجراءات أخرى تتعلق بالمنشآت العمومية والمؤسسات الصغرى والمتوسطة والقطاعات الاستراتيجية.
إنّ غلق باب الانتداب وإلغاء برامج التكوين ومنع توقيع اتفاقات ذات مردود مالي مع النقابات وعدم تعويض الشغورات والاعتداء على بعض المكاسب كمنح الإنتاج والساعات الإضافية والتحكم في نفقات التسيير هي إجراءات قديمة لم تجد نفعا مع الحكومات السابقة بقدر ما عمقت الأزمة الاقتصادية وأضرّت بفئات واسعة من الشعب وخلقت مناخات الاحتقان والاحتجاج الذي بدأ بالانتشار في جهات عديدة من البلاد.
إنّ الوضع الاقتصادي والاجتماعي المتردي والمرشح لمزيد التعفن بما يؤشر على انفجارات اجتماعية جديدة يتطلب حلولا جذرية. فالسياسات الليبرالية والحلول الشكلية والوعود الكاذبة وضعت بلادنا تحت سيطرة الدوائر الخارجية وقوّضت أسس اقتصادنا ونخرت المجتمع وتسببت في نسب عالية من الفقر والبطالة والأمية والهجرة والانتحار وغيرها من الأمراض الاجتماعية.
لذلك يعتبر حزب العمال أن ليس هناك من حلّ أمام تونس غير اعتماد سياسات اقتصادية واجتماعية جديدة تندرج ضمن خطة تنموية مغايرة تعتمد على مقدّرات البلاد المادية والبشرية وعلى تنشيط القطاعات المنتجة ومحركات التنمية وعلى اعتماد سياسة توزيع جديد لثمرة الإنتاج العام.
إنّ حزب العمال إذ يعلن رفضه للإجراءات الواردة في منشور رئيس الحكومة ويعبّر عن استعداده للوقوف ضد تنفيذها، فإنه يعتبر أنّ خلاص البلاد من الوضع الخطير لا يمكن أن يتمّ إلاّ باعتماد سياسة اقتصادية جديدة وشجاعة تستعيد فيها الدولة دورها الريادي، تتخذ وبصورة مباشرة القرارات التالية:
1 – في مستوى تحسين موارد الدولة وإصلاح الماليّة العموميّة:
– إلغاء تسديد الديون
– سن ضريبة على الثروات الكبرى (المجمعات الصناعية والمساحات التجارية الكبرى وشركات الاتصال والتامين والبنوك الخ…) واسترجاع الثروات والأموال المنهوبة.
– مراجعة الاتفاقيات بما يضمن عدم تصدير فوائد الشركات غير المقيمة.
– اتّخاذ إجراءات جدّيّة ضدّ التهرّب الجبائي والتهريب ولوبيات الفساد ووضع خطة دقيقة لإدماج القطاع الموازي.
2 – في مستوى الإجراءات الاقتصادية والاجتماعية:
– تأميم كلّ المؤسّسات العاملة في القطاعات الاستراتيجية (المناجم والطاقة والاتصال والاسمنت والبنوك والتجارة الخ…)
– بعث مشاريع كبرى في البنية الأساسية وخلق أقطاب صناعية جهوية حسب المقدرات المتوفرة في كل جهة وتثمينها.
– توفير اعتمادات خاصة للفلاحة بما يهدف إلى تحقيق الأمن الغذائي واتخاذ إجراءات عاجلة لفائدة الفلاحين الفقراء والصغار.
– مراجعة الاتفاقيات التجارية مع الخارج والتقليص من الواردات للقضاء على العجز التجاري.
– توفير موطن شغل وبصفة استعجالية لكل من زادت بطالته عن خمس سنوات، وتطبيق الاتفاقات المعلقة مع الفئات الهشة وعلى رأسها انتداب عمال الحظائر والقطع مع العمل الهش.
– إعادة الاعتبار للصحة العمومية ومراجعة الخارطة الصحية: مؤسسات وخدمات وتجهيزات وتغطية صحية.
– تخصيص الاعتمادات اللازمة لإصلاح قطاع النقل العمومي في المدن وبينها، بما يضمن تسهيل اندماج جهات البلاد والقضاء على العزلة.
– إلزام الدولة والخواص بتسديد مستحقات الصناديق الاجتماعية.
– توفير الاعتمادات اللازمة لتمويل الاقتصاد التضامني ومراجعة منظومة معالجة النفايات بكل أصنافها.
ويدعو حزب العمال كلّ الأطراف المعنية، أحزابا سياسية ونقابات ومنظمات مهنية والمجتمع المدني وفعاليات الشباب والعاطلين عن العمل وكل المواطنين للاستعداد للوقوف ضدّ توجّهات الحكومة وإجراءاتها دفاعا عن حقهم في العيش الكريم وكرامة الوطن.
شارك رأيك