في بيان توضيحي ممضى من طرف نائبه في مجلس نواب الشعب عدنان بن إبراهيم صدره بتونس اليوم الإثنين 8 جوان 2020 الاتحاد الشعبي الجمهوري يدافع عن موقفه الرافض لبروتوكول مدريد المتعلق بانضمام تونس لإدارة المناطق الساحلية بالبحر الأبيض المتوسط والذي يرى فيه “أول بذرة للتطبيع العلني مع الكيان الصهيوني”. و في ما يلي نص البيان…
على إثر التصريحات المجانبة للحقيقة عن بعض النواب (كالسيدة ألفة تراس وياسين العياري وحافظ الزواري ومبروك كرشيد وبعض الإعلاميين كمحمد بوغلاب وبرهان بسيس) و هي تصريحات تدل للأسف عن عدم إلمام بأبسط قواعد القانون الدولي العام التي تنظم العلاقات بين الدول والتي تلزمها بالتقيد بجميع التزاماتها المنبثقة عن الاتفاقيات المصادق عليها وخاصة تلك المنبثقة عن البروتوكولات الإضافية التي عادة ما تغطي جوانب معينة ذات طابع عملي إجرائي.
في الحقيقة كل ما صدر عن السادة المحترمين الذي تم ذكرهم انما ينم عن جهلهم بالفرق البين والجلي بين الانخراط في هيئات أممية أو المصادقة على اتفاقيات دولية لا تلزم أعضاءها بالتواصل المباشر مع أي دولة، وبين هذا النوع من البروتوكولات المندرجة فيما يسمى بالشراكة الأورومتوسطية الملغومة أو عملية برشلونة والتي اعتبرها أول بذرة للتطبيع العلني مع الكيان الصهيوني التي زجت فيها تونس من خلال المصادقة دون تحفظات في منتصف التسعينات، والتي مثلت غطاء لمسار إدماج الكيان الصهيوني في المنطقة والتطبيع العربي معه تحت شعارات “التعاون الاقتصادي والحوار والسلام” التي تروج لها القوى الأوروبية وخاصة فرنسا والتي لم تنخرط فيها ليبيا زمن معمر القذافي والذي رغم كل المؤاخذات التي يمكن توجيهها له ظل موقفه واضحا من تلك الشراكة طوال مدة حكمه.
وبالتالي فان الحديث عن عضوية الكيان الصهيوني في الفيفا أو في منظمة الأمم المتحدة أو توقيعها لاتفاقية حقوق الطفل أو غيرها من الإتفاقيات أو الهيئات التي انظمت إليها تونس أو أمضت عليها، لا يستقيم أبدا ومحل استغراب حينما يصدر من أشخاص يتعين عليهم معرفة أبسط قواعد القانون الدولي العام.
فالمطلع على محتوى هذا البروتوكول، دارس للقانون كان أم لا، يتبين له بوضوح ومن الوهلة الأولى أن الأمر لا يتعلق بالمصادقة على إتفاقية اعلان مبادئ كاتفاقية حماية حقوق الطفل التي تحدث عنها هؤلاء، بل يتعداه إلى السعي لتأسيس مركز للأنشطة الإقليمية المشتركة (الفصل 2 من البروتوكول) وكذلك وضع منظمة تمثل إطارا إقليميا مشتركا للتصرف المتكامل في المناطق الساحلية بالمتوسط (الفصل 17) وهو ما سيعني ضرورة تواجد الدولة التونسية في إطار إقليمي واحد مع كيان الصهيوني وليس أممي كما يزعم هؤلاء.
هذا دون الحديث عن تلك الفصول، التي سبق وأن أشرت اليها في ملاحظات سابقة والتي تفرض على الدول المصادقة أن تتعامل مع بعضها مباشرة تحت مسميات “التعاون وتبادل المعلومات والمساندة العلمية والتقنيّة” أو “الأنشطة ذات المصلحة المشتركة” والتي تحيل الى واجب التعاون وتبادل المعلومات واستقبال الوفود وواجب حضور الاجتماعات الدولية وواجب التشاور وضع الخطط المشتركة التي تنص عليها الفصول 27 و28 من البروتوكول وغيرها من الفصول الأخرى. خاصة وأن البروتوكول يستعمل عبارات “يتعين على الدول الأعضاء” و”يتوجب” بل و “يتحتم” وغيرها من المفردات التي تسعفنا بها اللغة و التي تحمل معانيها الدول مسؤولية احترامها والتي ينجر عن الاخلال بها قيام مسؤولياتها أمام الدول الأخرى.
كما أننا لم نعترض على المصادقة على هذه الاتفاقية، بل طالبنا فقط بإدراج تحفظات في مشروع القانون المتعلق بالانضمام للبروتوكول قصد منع التواصل المباشر بين ممثلي الدولة التونسية وممثلي كيان الصهيوني وهو حق يضمنه القانون الدولي.
كان من الأجدر على السادة المحترمين الذين تم ذكرهم الاستفسار عن سبب عدم تشريك “السلطات الفلسطينية” في هذا البروتوكول والحال أن قطاع غزة يطل مباشرة على المتوسط عوض اصدار تصريحات شعبوية تبرر للتطبيع مع الكيان الصهيوني خصوصا وأن السيدة المحترمة ألفة تراس ظلت تتفاخر من حين الى اخر بالزيارة التي قامت بها لقطاع غزة.
في الأخير، فإننا نتمسك و بقوة بمطلبنا بادراج التحفظ أسوة بما وقع القيام به خلال مصادقة البرلمان السنة الماضية على وثائق المؤتمر الخامس والعشرين للاتحاد البريدي العالمي و نؤكد لكم سلامة موقفنا من الناحية القانونية.
بيان.
شارك رأيك