على اثر تخلي ظهر اليوم الجمعة 19 جوان 2020 إلياس الفخفاخ رئيس الحكومة عن أسهمه في الشركة التي تتعامل مع حريف واحد الا وهو الدولة و ذلك بعد استياء كبير من المجتمع المدني، نشر كاتب الدولة السابق و رجل القانون عبد الرزاق بن خليفة ما يلي على صفحته الرسمية بالفايسبوك ليفسر قانونيا الفرق بين الفساد و شبهة الفساد:
يخلط العديد بين الفساد أو شبهة الفساد من جهة و َتضارب المصالح..من جهة ثانية
فالاولى تقع تحت طائلة القانون الجزائي اما تضارب المصالح فهي وضعية قانونية تقتضي التفادي والتجنب حتى لا تؤدي الى وضعية تزاحم بين مصلحة عامة ومصلحة شخصية…ومن ثمة ارتكاب شبهة فساد بسبب ذلك…
وللقياس سبق للمحكمة الإدارية و في مجال لا يختلف كثيرا عن موضوع تضارب المصالح وهو ممارسة نشاط خلا بمقابل من موظفين عموميين إذ بتت في مدى ملكية موظف لاسهم في شركة أو ملكيته لعقارات أو منقولات أو محلات تجارية تدر عليه ارباحا و ما إذا كانت تعد ممارسة موظف لنشاط خاص بمقابل وبالتالي مخالف للقانون…
واستحضر بهذا الخصوص حالتين:
والثانية تتعلق بموظف بوزارة املاك الدولة يملك شركة وساطة عقارية…
ولقد كان موقف المحكمة الإدارية ان بدأت بتعريف النشاط الخاص بمقابل بكونه تخصيص الموظف لوقت وجهد في تسيير نشاط و الإشراف عليه بالتوازي مع وظيفه..ويدر عليه ارباحا أو مداخيل متوترة ومستقرة…
وانتهت المحكمة الي ان مجرد التملك لا يعني ممارسة لنشاط خاص بمقابل…خاصة وقد تبين في الحالة الأولى ان الإطار الأمني ورث تلك الاملاك عن والده… ولا يعقل تجريده منها لمجرد انه موظف.. ويكفي ان يثبت انه لا يقوم باي أعمال تسيير.. وهو ما ثبت من خلال عدم تسجيل اي غياب أو تهاون في العمل من ذلك الموظف.. كما لم يثبت انه كان يقوم بأعمال تسيير لاملاكه…
اما في الحالة الثانية فلقد ثبت للمحكمة انه ولئن لم تسجل الإدارة ضد العون اي غياب أو تهاون في العمل وكانت اعداده المهنية ممتازة الا انها قامت بمعاينته بصدد قبول الحرفاء وقبض الأموال بمكتب الوساطة العقارية وثبت تحقيق لدخل و بالتالي ثبت الخطأ في حقه…
وفي حالة تضارب المصالح وهو مفهوم أوسع واشمل من ممارسة نشاط خاص بمقابل.. فإنه لا شك أن في وضعية عضو حكومة يملك أسهم في شركة متعاقد مع الدولة تضارب مصالح باعتباره قد يجد نفسه مجبرا على اتخاذ قرار في حق تلك الشركة… حتى ولو لم يكن مسيرا..بها…
وكما قلنا ان تضارب المصالح ليس فسادا… وإنما حالة تقتضي الازالة… و التجنب وان ثبت اي انتفاع من تلك الوضعية فنمر من وضعية تضارب المصالح إلى وضعية غير قانونية وهي حالة توفر إحدى جرائم الفساد…
و بعبارة أخرى حالة تضارب المصالح هي وضعية تفرض على صاحبها من باب الاحتياط وضع حد لها.. لا غير..
لكن السؤال المطروح كيف تنتهي حالة تضارب المصالح هل بالتخلي عن ملكية الاسهم فقط؟
الجواب قطعا لا.. لأن حق الملكية أيضا مصان دستوريا ولا يمكن النيل منه.
ما يجب القيام به هو وضع حد لأي إمكانية يكون فيها مالك الاسهم في وضعية اتخاذ قرار…بشان المصالح المتضاربة…
وهذا ما تقوم به بعض البلدان المتقدمة حيث لا يحرم الوزير من المحافظة على املاكه لكن يحرم من ممارسة اي صلاحية لها علاقة بالنشاط المرتبط به..
ففي فرنسا مثلا تمت مراجعة صلاحيات عدد من أعضاء الحكومة بسحب بعض الملفات منهم والتي قد تكون لهم فيها تضارب مصالح وذلك بمقتضي أوامر décrets في مراجعة الصلاحيات مثال ذلك:
– مراجعة صلاحيات كاتبة الدولة للتحول الطاقي الفرنسية والتي صدر في شانها أمر يمنعها من اتخاذ قرارات بشأن شركة Danone حيث كانت تعمل..
– 4 اعضاء حكومة آخرين صدرت في حقهم أوامر مراجعة صلاحيات وهم Sébastien le couru, Elizabeth borne, Agnès pannier runachar, christelle dubos
جميع هؤلاد الوزراء لم يطلب منهم التخلي عن حقوقهم لدى المؤسسات التي كانو مرتبطين بها وإنما سحبت منهم اي صلاحية تتعلق بالقطاع المعنى..
بل لعل الشبهة تكون اكبر بعد ان يتخلص الوزير من اسهمه.. فيكون في حل من اي واجب… اذ لا شي يمنعه من محاباة الشركة التى كان يملك فيها اسهما بعد أن أزال حالة تضارب المصالح صوريا..
لذا الحل حسب رأيي يكمن في تمكين الوزير من المحافظة على اسهمه مع منعه من اتخاذ قرارات في شأن القطاع المعنى..
كما أن ال Ocde (منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية) والتي تعتبر مرجعا دوليا في قواعد الحوكمة وأفضل الممارسات.. فهي أيضا لا تمنع التملك بل تمنع المحافظة على خطة تسيير أو حتى خطة تسيير شرفية في المؤسسة التي ينحدر منها عضو الحكومة..
وفي خلاف ذلك تصبح الوظائف الحكومية مفتوحة للملائكة و خاصة لمن لا مصلحة له… على وجه البسيطة!!!!!”.
شارك رأيك