الأجواء السائدة الان في مجلس نواب الشعب أجواء مشحونة وننتظر أن تشهد تصعيدا مع قادم الأيام بتقديم كتلة الدستوري الحر للائحة تجرم كل من يتعامل مع جماعة الإخوان المسلمين أفرادا أو أحزابا والمقصود طبعا هنا هو حزب حركة النهضة الذي سيرد الفعل بدوره ويطالب بحل الدستوري الحر مستندا في ذلك إلى عدم اعترافه لا بالثورة ولا بالدستور.
يكتبه محمود حرشاني*
لم يعد خافيا على أحد أن الخلافات والصراعات بين الكتل البرلمانية باتت إحدى معطلات العمل النيابي في تونس واستمرارها بهذه الحدة يؤشر إلى ما هو أسوأ وبالتالي إلهاء المجلس عن الإهتمام بالقضايا الأساسية التي ينتظر الشعب من مجلس النواب معالجتها وإيجاد الحلول لها.
لا إضاعة الوقت في التراشق بالتهم والسباب ونبش الماضي الخاص بكل نائب وتسجيل النقاط وكأن النجاعة في سباق محموم للفوز بكأس من هو الأسوا. ومن يكون أكثر وقاحة لتسجيل النقاط على خصمه.
الصراع الدائم بين الدستوري والإسلاميين
هذا الصراع يزداد حذه مع الأيام وطرفاه الرئيسيان كما قال النائب والقيادي في حركة الشعب سالم الأبيض ائتلاف الكرامة والدستوري الحر. ولكن معهما أيضا هناك كتلة حركة النهضة وصراعها الدائم مع الدستوري الحر وما يصدر عنهما من اتهامات متبادلة تصل الى حد التخوين والتشويه المجاني وأحيانا يكون في شكل اتهامات واضحة بدون سند الهدف منها شل قدرة نواب الدستوري الحر وخاصة رئيسة الكتلة ورئيسة الحزب عبير موسي والحد من هجوماتها المتواصلة على حزب حركة النهضة. وكل واحد منهما يستند الى الماضي ليأتي منه بأقذع النعوت تجاه خصمه فبالنسبة للنهضة وأتباعها رئيسة الحزب الدستوري الحر خرجت من جلباب التجمع وكانت من أذرعة بن علي وبالنسبة لعبير موسي وأنصارها النهضة حزب لم يخرج من جلباب الإخوان المسلمين ولم يتخلص من جلدته بعد حتى وإن لبس رداءا مدنيا…
تهجمات وهجومات بلغت ذروتها في جلسة مساءلة راشد الغنوشي رئيس البرلمان ورئيس حركة النهضة والتي شنت فيها رئيسة الحزب الدستوري الحر هجوما كاسحا عليه ووصفته بأقذع النعوت وإنه لم يغادر منطقة الإخوان بعد مستظهرة بخزينة من الوثائق التي تؤكد ارتباط حركة النهضة بتنظيم الإخوان المسلمين.
اتهامات وتهجمات تصدى لها نواب حركة النهضة ومعهم نواب ائتلاف الكرامة بكيل أقذع النعوت لرئيسة الحزب الدستوري الحر وساعدتهم في ذلك النائيبة عن التيار الديمقراطي سامية عبو التي لا تفوت فرصة دون مهاجمة عبير موسي واعتبارها تجمعية ومن أذرعة بن علي وهي ضد الثورة وكأن سامية عبو وأمثالها أوصياء على الثورة يمنحون شهادات الطهر والنقاوة للبعض ويحجبونها عن الاخرين … حركة النهضة كرد فعل تهدد برفع قضية للمطالبة بحل الحزب الدستوري الحر واعتباره حزبا فاشيا لا يعترف بالثورة ولا بالدستور.
حرب اللوائح تزيد الوضع تعقيدا
وسط هذه الخلافات التي لم يعرف لها المجلس مثيلا والتي زادتها حرب اللوائح تعقيدا ومزيد تشويه صورة المجلس خاصة بعد إسقاط اللائحتين التي تطالب بتجريم التواجد العسكري العثماني القطري في ليبيا والتي تطالب فرنسا بالاعتذار لتونس عن احتلالها نتيجة خلافات شخصية مما أظهر أن مجلس النواب وكأنه مع الاحتلال الأجنبي لليبيا وعدم مطالبة فرنسا بالاعتذار عن احتلالها لتونس ومما زاد في تشويه هذه الصورة إقدام نواب ائتلاف الكرامة في اخر جلسة على رفع صورة الرئيس المصري المخلوع محمد مرسي واعتباره شهيدا وهو ما اعترضت عليه الكتل النيابية الأخرى واعتبرت الأمر استفزازا لها…
كل هذا ساهم في تهرئة صورة مجلس النواب وهو ما أكده اليوم في حواره مع الشروق الأمين العام لحركة الشعب زهير المغزاوي الذي قال أن ما يحصل داخل المجلس يهدد السلم الأهلي موضحا أن العديد من الأحزاب تخدم اليوم لصالح أجندات أجنبية.
وفي المحصلة فإن الأجواء السائدة الان في مجلس نواب الشعب أجواء مشحونة وننتظر أن تشهد تصعيدا مع قادم الأيام بتقديم كتلة الدستوري الحر للائحة تجرم كل من يتعامل مع جماعة الإخوان المسلمين أفرادا أو أحزابا والمقصود طبعا هنا هو حزب حركة النهضة الذي سيرد الفعل بدوره ويطالب بحل الدستوري الحر مستندا في ذلك إلى عدم اعترافه لا بالثورة ولا بالدستور.
انقسامات ستمتد إلى داخل الفضاء العام بلا شك وهو ما يتطلب من ذوي الوجاهة إيقاف هذا النزيف السياسي الخطير الذي يهدد بحرق الأخضر واليابس ووليس أقدر من رئيس الجمهورية قيس سعيد على القيام بهذا الدور المطلوب اليوم قبل الغد.
* رئيس تحرير جريدتي الزمن التونسي والثقافية التونسية.
شارك رأيك