مؤسسة التميمي تنظم سمينار الذاكرة الوطنية حول خلفية استقالة القيادي المهندس عبد الحميد الجلاصي من حركة النهضة تحت عنوان : “قراءة شخصية في تجربة النهضة الجماعية” و ذلك بمقرها بتونس يوم السبت 27 جوان 2020 على الساعة 9.15.
أكدت مؤسسة التميمي عبر أنشطتها العلمية المنتظمة لتفعيل الذاكرة الوطنية على استقلالية مبادراتها منذ أكثر من
20 سنة، وقد اجتهد مديرها السيد عبد الجليل التميمي في دعوة مختلف الأطياف والأحزاب السياسية القائمة، ويأتي على رأس ذلك قيادات أولى في حركة النهضة أمثال الشيخين راشد الغنوشي وعبد الفتاح مورو والسيد حمادي الجبالي في خمس حلقات ثم عبد اللطيف المكي وسمير ديلو ولطفي زيتون و رياض الشعيبي ورفيق عبد السلام وغيرهم، وقد أخذوا الكلمة وعبروا بمنتهى الشفافية والنزاهة والجرأة لإبراز مواقفهم إذ لا يمكننا أن نغيب دعوة هذه القيادات المختلفة، وقد تم اتهام السيد التميمي بالتعاطف مع حركة النهضة، في حين أنه كمؤرخ، كان يشعر بوجوب القيام بدعوة واستشراف آراء هذه القيادات السياسية للعديد من اشكاليات المشهد السياسي منذ اندلاع الثورة في 2011. في حين لم تجرؤ مراكز البحث التونسية أو المغاربية أو العربية في مقاربة ومعالجة هذا الملف.
تتالي الإستقالات من الحركة يدل على عدم تجددها
ومع الرجع التاريخي فإن تسجيل مختلف الشهادات يشكل منطلقا لقاعدة بيانات جوهرية واستثنائية، وقد نادى السيد التميمي في بعض تعليقاته الموجهة إلى الشيخ راشد الغنوشي بوجوب تشبيب هذه القيادات ومنحها الثقة حزبيا لإجراء نقلة نوعية واعدة في هياكلها وعبر مجلس الشورى لديها، إلا أن انغلاق قياداتها التي أشرفت على مصيرية هذه الحركة منذ خمسين سنة، دفع العديد من عناصر هذه القيادات إلى الاستقالة بدءا من حمادي الجبالي ورياض الشعيبي وزياد العذاري ومدير مكتب راشد الغنوشي السيد زبير الشهودي وأخيرا القيادي عبد الحميد الجلاصي الذي ناضل منذ سنة 1979 في صفوف الفصيل الطلابي “الاتجاه الإسلامي بالجامعة” وأصبح مسؤولا للاتجاه الإسلامي بكلية الهندسة بقابس 1982/1986، ثم عرف السجن السياسي الطلابي سنة 1985. وبعدها صار مسؤولا للإدارة والتنظيم في حركة الاتجاه الإسلامي 1986/1987. ثم سجينا سياسيا سنة 1987. كما تولى منصب عضو المكتب
التنفيذي للحركة ثم المشرف العام للفصيل الطلابي لحركة الاتجاه الإسلامي/حركة النهضة 1988.
كان الجلاصي أيضا عضو المكتب التنفيذي، ومسؤول الإدارة والتنظيم للحركة 1989/1991. ليسجن ما
بين 1991و 2007. وهو نائب المشرف العام لحركة النهضة في الداخل في مرحلة إعادة بناء الحركة في وضع السريةوالمتابعة قبل الثورة 2007/2011 ثم عضو المكتب التنفيذي/مسؤول إعادة بناء تنظيمات الحركة بعد
الثورة 2011.
بعد الثورة أصبح الجلاصي رئيس الحملة الانتخابية لحركة النهضة في انتخابات 2011 والمنسق العام للحركة.
شارك في عشرات اللقاءات والندوات المهتمة بملف الانتقال الديمقراطي وموقع الحركة الاسلامية وخصوصا التركيز على التعريف بالتجربة التونسية في استانبول ومدريد وروما وجينيف وأوسلو، وهو يسعى إلى جمع حواراته في كتاب “دولة الخوف” ولديه مجموعة من الكتب وهي “اليد الصغيرة لا تكذب”، و “الشهداء يكتبون الدستور”، و “السّرقة اللّذيذة”…
جماعة انتهت صلاحيتها في مرحلة بتحديات مختلفة
إلا أنه بتاريخ 4 مارس 2020 وجه إلى الرأي العام نص اعلان استقالته من الحركة وبين فيها أسبابها ومن أهم ما جاء فيها : “كنا امام مفارقة عجيبة تحمل جماعة انتهت صلاحيتها التاريخية مسؤولية قيادة مرحلة بتحديات مختلفة جوهريا عن تحديات تأسيسها” و”ومشكلة النهضة لم تكن يوما في الموارد و انما في إدارة الموارد” .”لا يبدو أننا نقرأ التاريخ و لا اننا ندرك مزاج العصر انتهى التأبيد و انتهى التمديد”…
ثم وجه نصا آخر تحت عنوان “سجن المحبة” بتاريخ 7 مارس2020. وبدل أن يتركز حديث على مضمون النص إلا انه تركز على تاريخ المستقيل ومسؤولياته السابقة و نواياه للمستقبل وإمكانية أن يهدد البناء الذي كان فيه… “أجدد التأكيد أنا شريك في تجربة الأربعين سنة وفي مواقعها المتقدمة منذ أكثر من ثلاثين سنة”… “ولكني لن أصمت”…
“كانت هناك خيارات أخرى لمواصلة فرض الإصلاح مثل الدعوة الى مؤتمر استثنائي كعنوان سياسي بسبب التفصي من الاستحقاقات وعدم تحمل نتائج الخيارات. و لم افعل ذلك تقديرا لنفور الرأي العام من الصراعات داخل الأحزاب و حرصا على علاقات ثمينة وعميقة هي كل ما جنيته في حياتي، كما لم اشتغل على فكرة الانشقاق لأسباب أخلاقية وسياسية.”
… “واستغرب ممن يطالبني بذلك. المهندس حمادي الجبالي كان مخطئا عندما صمت. الطريف هذه التشبيهات من قواميس المنازل مثل الحديث عن البيوت و نشر الغسيل وواجب الصمت.” … “سأتكلم مع مراعاة أنني لن اذكر الأسماء و لن اكشف ما هو معتاد في الأحزاب من خصوصيات ولن أتعرض للأعراض وسأحرص على نقل الحوار إلى الدائرة الفكرية والسياسية مع التأكيد دائما أن ما أقدمه هي وجهة نظر شخصية”.
ثم وجه نصا آخر بتاريخ 11 مارس 2020 تحت عنوان “والطريق الجديد” جاء فيه : “يجب أن يسأل الساسة أنفسهم تلك الأسئلة الموجعة لاستخلاص الدروس التي تمنع من تكرر الأخطاء، يبدو ألا شيء تغير وأن الانتخابات كانت قوسا أغلق وأن الجميع عاد إلى انتهاج نفس المنهجية التي ثار عليها الصندوق”…
و يقول السيد التميمي عن سيمينار السبت القادم : “نذهب إلى الاعتقاد أن القيادات النهضوية والحزبية عموما وجب عليها أن تأخذ مواقف سي الجلاصي بعين الاعتبار اذا ما أريد لحزب النهضة ومجمل المشهد الحزبي ان يبقى عنصرا فاعلا في ديناميكية المتغيرات الجيوسياسية المحلية و المغاربية والعربية، وعكس ذلك يخسر الرهان الحضاري. اذ ان طبيعة الأزمات الحزبية متشابهة بما يعني أننا أمام نفس البنية الذهنية وإن اختلفت المرجعيات”.
بلاغ.
شارك رأيك