لم يبق أمام حركة النهضة إلاّ أن تسحب وزراءها وتنسحب من حكومة إلياس الفخفاخ، أو أن تعود إلى إسطوانة الإستقرار الحكومي والتخلي عن فكرة توسيع الحزام الحكومي وتشريك قلب تونس الذي طالما إتهته بالفساد و رفضت التحالف معه، إذن يسهل التخلي عنه اليوم ما دام متهما بالفساد.
بقلم توفيق الزعفوري *
بدأت تضيق الخيارات، و المناورات بعدما أعلنها صراحة اليوم، الإثنين 13 جويلية 2020، رئيس الجمهورية قيس سعيد، أنه لا مشاورات و لا حكومة جديدة طالما هناك حكومة و بصلاحيات كاملة، لا حلول دستورية و لا قانونية إلا اذا قرر رئيس الحكومة الاستقالة، عندها يمكن العودة إلى المسار الدستوري…
يمكن لراشد اللغنوشي إجراء مشاورات مع من يريد و لكن لا من أجل تغيير الحكومة و لكن من أجل تكوين حزام سياسي أكثر متانة، إذ لا يمكن لأي حزب سياسي أن يأخذ البلاد إلى أزمات سياسية و هو يمثل 25٪ من البرلمان، و لا يمكنه أن يتصور أن مصير البلاد مرتبط بما يسفر عنه من قرارات مجلس الشورى…
مصير البلاد ليس مرتبطا بما يسفر عنه من قرارات مجلس الشورى
مشاورات مجلس الشورى ليست مبادرة سياسية بل هي قرار سياسي تم بعد مشاورات بين أعضاء شورى الحركة، قرار رفضه الرئيس رفضا قاطعا، لأنه يدرك، وهو الأستاذ في القانون و المؤمن على الدستور، أن هناك حكومة قائمة وصلاحياتها مكتملة، رسالة صريحة موجهة لحركة النهضة التي لم يبق أمامها إلاّ أن تسحب وزراءها وتنسحب من الحكومة، أو أن تعود إلى إسطوانة الإستقرار الحكومي والتخلي عن فكرة توسيع الحزام الحكومي وتشريك قلب تونس في الحكومة، قلب تونس الذي طالما إتهموه بالفساد و بعدم التحالف معه، إذن يسهل التخلي عنه ما دام متهما بالفساد.
أما رئيس الحكومة المتهم أيضا يتضارب المصالح، فإن المعطى المهم اليوم هو إيداع ملفه لدى النيابة العمومية بالقطب القضائي و لمالي، إذن لا يمكن بأي حال من الأحوال استباق نتائج التحقيق و كلمة القضاء و إزاحة الفخفاخ من الحكومة و الدفع باتجاه الفوضى و نحن لا نعرف إن كان رئيس الحكومة مذنبا أو بريئا، ثم ماذا لو أننا أسقطنا حكومة الفخفاخ و اتضح فيما بعد و بحكم قضائي أن الفخفاخ بريء من شبهة تضارب المصالح، إستنادا إلى قرينة البراءة هل ستقبل النهضة بتحمل مسؤولية النتائج بعد ذلك أم ستلقي باللائمة كعادتها على غيرها، و تسحب وزراءها و تصطف في المعارضة؟
جرعة الأوكسجين القوية جاءت اليوم من قصر قرطاج
يبدو أن جرعة الأوكسجين، كانت قوية اليوم و شُحنت من قصر قرطاج و بشهادة المنظمة الوطنية لاتحاد الشغل، ما يتيح للفخفاخ تجاوز الضغط المسلط عليه من مونبليزير والذي كرّسه رئيس كتلة الحركة في البرلمان نور الدين البحيري الذي مازال متمسكا بالحوار من أجل حكومة جديدة، و قبله عبد الكريم الهاروني الذي دعاه صراحة إلى الاستقالة.
حكومة جديدة مكوناتها معروفة، نهضة و ائتلاف الكرامة و قلب تونس، و هي توليفة لا تصلح حتى لتكون حكومة موازية، ملامحها مشوهة حتى قبل أن تولد…
و مادامت النهضة و حلفاؤها قادرين على إسقاط هذه الحكومة فليبدأوا بسحب وزرائهم منها أولا، ثم ليبحثوا عن بدائل لما هو موجود و ليعرضوا حكومتهم المفصلة و المفضلة على البرلمان لنيل الثقة فإذا نالت الثقة بعد إدانة الفخفاخ وانسحابه، فليتفظلوا تلك هي الديمقراطية، و اذا فشلوا فليكونوا في المعارضة، و تلك أيضا وجوه الديمقراطية…
عشر سنوات من السلطة، عشر سنوات وهم يمارسون و يخطؤون و يخطفون و لا شيء استقام غير استقواء الفساد و تكاثر الفاسدين…
مازالت الحكومة لم تخرج من الازمة الصحية بعد، و هي لم تتجاوز الستة، أشهر و بالرغم من نجاعة بعض وزراءها إلا أن النهضة لا تزال مصرة على زرع قلب تونس فيها بدعوى توسيع الحزام السياسي من أجل الإستقرار المنشود، استقرار لا ملامح له و لا بوادر في ضل تصاعد التحركات و الإحتجاجات الإجتماعية خصوصا في الجنوب، و في ضل ركود اقتصادي ب 6٪ سلبي و مديونية ثقيلة و آفاق استثمارية منعدمة في مناخ غير مستقر..
الآن و قد تبينتم موقف الرئيس، فالمناورات القادمة و المشاورات تهم البرلمان أكثر من الحكومة، و” اللي يلعب ما ينغرش”..
* صحفي و محلل سياسي.
شارك رأيك