أحدث أمس الثلاثاء 13 جويلية 2020 الرئيس قيس سعيد و رئيس الحكومة إلياس فخفاخ انقلابا سياسيا بكل ديمقراطية وباحترام الدستور أخرج حركة النهضة من قلب المعادلة السياسية و أعادها إلى حجمها الطبيعي الذي ما كان لها أن تتجاوزه لولا جوعها للسلطة و جهلها بالقانون و غطرستها السياسية.
بقلم الأستاذ سمير عبد الله *
مثلنا التونسي يلخص الوضع: “إلي يحسب وحدو يفضلو”.
النهضة أرادت ” التكوير” بالجميع : بالبرلمان والحكومة والرئاسة والبلد في علاقة بالملف الليبي… وخسرت.
القطرة التي أفاضت الكأس هي مقررات مجلس الشورى الأخير… مقررات استفزت وتحدت الجميع بتكليف رئيسها راشد الغنوشي باجراء مشاورات لتغيير المشهد السياسي… مقررات حولت هذا الحزب ورئيسه عمليا إلى دولة موازية.
الرسالة التقطها بسرعة رئيس الدولة قيس سعيد… ولأول مرة منذ توليه السلطة يخرج من دائرة الكلام الى دائرة الفعل… بل هو أهم قرار سياسي اتخذه : تحجيم تغول وعربدة الغنوشي.
هذا أول فك ارتباط حقيقي مع حركة النهضة… لم ينجزه الباجي قائد السبسي طيلة عهدته الرئاسية ورغم التزامه الانتخابي… وأنجزه قيس سعيد في مهلة زمنية قصيرة.
قيس سعيد لم ينس الفيديو المسرب وتهكم الغنوشي عليه عندما قال: “جاء يطبها عماها” بخصوص تصريحاته في باريس حول الأزمة في ليبيا… الغنوشي يمكن له الآن أن يطبق نفس المقولة عن نفسه.
رئيس الحكومة إلياس الفخفاخ قوي بدعم الرئيس قام بضربة معلم بتقرير تحوير حكومي وإخراج وزراء النهضة… ضربة معلم أكسبته أمس موجة تعاطف كبيرة لدى الرأي العام… وتحولت قضية تضارب المصالح الى قضية ثانوية… قضية ابتزاز سياسي يقودها حزب هو آخر من يحق له الحديث عن مقاومة الفساد.
النهضة لا يمكن لها أن تستوعب لحظة هذه الرجة وهي الحزب الوحيد الذي يحكم البلاد وبدون انقطاع منذ 2011… وهي لا تستوعب لحظة ان تتحول الى المعارضة خشية فتح الملفات.
النهضة التي تحكم بأقل من 20% من الأصوات أي حوالي 400 الف صوت من جملة 8 ملايين ناخب… وهذه مفارقة كبرى لديمقراطية عرجاء.
الغنوشي فقد دوره المحوري ورجعت المبادرة وبقوة لقصر قرطاج… مدعوما بشخصية محورية : أمين عام اتحاد الشغل أكبر منظمة جماهيرية في البلاد وصمام أمان للاستقرار السياسي والاجتماعي.
هناك توجه نحو عدم عرض التحوير الوزاري على تزكية البرلمان والاحتكام إلى الدستور وعلويته الذي لا يوجب ذلك وسيكون هذا التوجه إن تحقق أكبر تحد لحركة النهضة.
أختم بخبر مزلزل : الدستوري الحر هو أول حزب في البلاد ولأول مرة حسب الباروماتر السياسي لهذا اليوم ويتفوق ب5 نقاط على حركة النهضة… وعبير موسي في المرتبة الثانية بعد قيس سعيد في الرئاسية.
الرسالة قوية حول انقلاب المشهد السياسي في تونس بكل ديمقراطية… وموجة تراجع وتقهقر “الاسلام السياسي الاخواني” تجتاح تونس.
القوى المدنية مع الدستوري الحر أمام فرصة تاريخية ذهبية ربما لن تعاد لإنقاذ تونس التي نحبها.
* محامي و سفير سابق في لبنان.
شارك رأيك