تونس تنهار أمام أعيننا رغم تعالي الأصوات بأن يتدخل الرئيس و لا يبقى على الحياد أو الفرجة، كونه الشخصية الجامعة المؤتمنة على الدستور و على الإستقرار و على أمن تونس و التونسيين، كان يمكن أن يتدخل من قبل وأخشى أن يكون قد تأخّر على ذلك.
بقلم توفيق زعفوري *
بعد سقوط حكومة الحبيب الجملي الذي صرح مؤخرا على إذاعة شمس أف أم، أن النهضة من أسقطت حكومته، وطالبته بالإستقالة، وبعد إصرارها على زرع قلب تونس الطاهر الشفاف في القصبة، وبعد الكيد لحكومة اإلياس الفخفاخ و تقديم لائحة لسحب الثقة منها، وتفاخر نور الدين البحيري بذلك، تواصل النهضة و أحوازها العبث بالبرلمان و المؤسسات و بالإستقرار و ستظل إلى أن تجد حكومة على المقاس أو تكون ضمن إئتلاف حكومي على مقاسها عندها لن تجد لا حكومة و لا من تحكم و لن تجد حتى تونس للأسف…
ما أفلح فينا شيء و المرجح أن العيب فينا
جرّبت تونس الحكومات المتحزبة و الإئتلافية و التكنوقراط، و الخليط الهجين من القوميبن و اليساريين و اليمين، جرّبنا النظام الرئاسي و البرلماني و الشبه شبه، و ما أفلح فينا شيء و المرجح أن العيب فينا لا في النظم و لا في التحالفات!!!
طالما النهضة و أحوازها و الدستوري و أشباهه، يتعاطون مع الفعل السياسي بمنطق “على كيفي” و “اشرب و إلا طير قرنك” و هذا يرى تونس أجمل بدون الآخر فإن الساحة السياسية ستظل تنزف إلى ما لا نهاية حتى يسقط السقف على الجميع لأن نهاية العبث و الهدم هي العدم و الخراب، هي الفوضى و العنف و العودة إلى المربع الأول و هذا ما يريده أعداء تونس في الداخل و الخارج.
لم تعد تونس تشبهنا، تحولت إلى شبه دولة، لا هيبة و لا سلطان
تونس ليست للنهضة و لا للدستوري و لا لغيرهما، تونس لأبنائها الصالحين المناضلين الذين ضحوا بدمائهم و دماء آبائهم و أجدادهم من أجل مناعتها، تونس للرجال الذين تركوا الساحة للثورجيين و الجهابذة و أشباه المناضلين، الرجال و النساء الذين آثروا الفرجة من على الربوة و أعطوا الفرصة تلو الفرصة لهؤلاء علّ حال تونس ينصلح، علّ التونسيين يدركون بعضا من كرامة في بلدهم، لكن للأسف من إئتمانهم على تونس، طعنوها في الظهر فساد و إفسادا و عبثا و تهريجا و تجريحا لعشر سنوات تقريبا حتى أننا لم نعد نعرف تونس.
لم تعد تونس تشبهنا، تحولت إلى شبه دولة، لا هيبة و لا سلطان، حولوها إلى شبه جثة هامدة تنهشها الذئاب و الضباع من هب و دب باسم الديمقراطية و حرية التعبير و ممارسة العمل البرلماني.
تونس تنهار أمام أعيننا رغم تعالي الأصوات بأن يتدخل الرئيس و لا يبقى على الحياد أو الفرجة، كونه الشخصية الجامعة المؤتمنة على الدستور و على الإستقرار و على أمن تونس و التونسيين، كان يمكن أن يتدخل من قبل وأخشى أن يكون قد تأخّر على ذلك، فما يحدث في البرلمان من عنف و قصف و إقصاء سينعكس قريبا خارج أسوار باردو عندها تخرج الأمور عن السيطرة لأن المواجهة ستكون لا مع الخصوم السياسيين فقط و لكن أيضا مع عموم التونسيين الغاضبين، و يكون ساعتها آخر فصل من فصول الديمقراطية قد كُتب و دق الجرس و إنتهى الدرس…
* صحفي و محلل سياسي.
شارك رأيك