أخطر ما يمكن تحمله اليوم في تونس أن تتوقف قضية رئيس الحكومة المستقيل إلياس الفخفاخ حول تضارب المصالح ويُغلق الملف بمجرد استقالته ثم نمضي الى الحكومة الجديدة دون أن نفضح “الخنار” الأعظم وهو ملف الاحتكارات الكبرى للصفقات العمومية، وطلبات العروض الموجهة…
بقلم الصحبي بن فرج *
بتوجيه من المؤسسات المانحة، قامت الدولة التونسية باطلاق مناقصة دولية لاقتناء وتركيز منظومة عدادات كهربائية ذكية تشتغل بنظام الشحن والدفع المسبق (مثل بطاقات الهاتف الجوال) بحيث يتم القضاء تدريجيا على أغلب مشاكل الفوترة و الخلاص الحالية: رفع العداد، الفوترة الخاطئة، الصفوف الطويلة أمام الشبابيك، قطع الكهرباء، عدم الخلاص، ديون الستاغ لدى الخواص، امتصاص تدريجي للمبالغ المسخلدة بالذمة (تقدر بمئات الملايين من الدنانير) هذا طبعا الى جانب الإقتصاد والتحكم في الاستهلاك ومنافع أخرى يطول شرحها.
تشابه غريب فعلا
تم الاختيار على منطقة صفاقس لإنجاز القسط الأول من البرنامج: 320 الف عداد ذكي (من جملة أربعة ملايين عداد عند تغطية كامل الجمهورية).
قيمة هذه المناقصة هو 123 مليون يورو (قيمة البرنامج الجملية تصل الى 1200 مليون يورو أي قرابة ال 4000 مليون دينار تونسي)
الخطير والغريب أن نفس تفاصيل ما وقع مع صفقات النفايات كما ورد في تقارير الرقابة وهيئة مكافحة الفساد نجدها في مسار طلب عروض الذي لم يُفتح بعدُ رغم أهميته وتوفر الأموال المرصودة : نجد نفس أسماء الشركات وأحيانا نفس الاشخاص وبقليل من الاختلاف نفس المجامع المشاركة في الصفقة، ونفس العدد المحدود جدا للمشاركين،
إداريا نجد نفس طريقة التأخير غير المبرر والمتكرر لفتح العروض وتأجيل الصفقة لغاية لا يعلمها إلا الله والراسخون في العلم، نفس طبيعة التغييرات غير المبررة لمقاييس المشاركة في طلب العروض… ومخالفات أخرى بالجملة أتحفظ عن ذكرها…
القراءة الدقيقة لتفاصيل ومسار طلب العروض ونوعية الإخلالات يعطي الانطباع بأن العرض موجه والصفقة محجوزة ولا فائدة من المنافسة.
صفقة جملية بمبلغ أربعة ألاف مليون دينار
للتذكير نحن نتحدث عن صفقة أولية ب400 مليون دينار من جملة صفقة جملية بأربعة ألاف مليون دينار ومن يفوز بالجزء سيكون قد ضمن الفوز بالكلٌ، ولكم سديد النظر…
أخطر ما يمكن تحمله اليوم أن تتوقف قضية رئيس الحكومة المستقيل إلياس الفخفاخ حول تضارب المصالح ويُغلق الملف بمجرد استقالته ثم نمضي الى الحكومة الجديدة دون أن نفضح “الخنار” الأعظم وهو ملف الاحتكارات الكبرى للصفقات العمومية، وطلبات العروض الموجهة: نزيف بمئات المليارات، انعدام للمنافسة الشريفة، عرقلة الاستثمارات الأجنبية، إضاعة فرص هامة للتنمية والاستثمار والشغل : هذه المصيبة الكبرى التي يجب أن ننكب عليها جميعا.
ما دون ذلك فهو تلهية إضاعة للوقت وللوطن…
* طبيب و نائب سابق.
شارك رأيك