أصبح اليوم تكليف وزير الداخلية الحالي هشام المشيشي أمرا واقعا، لم يكترث الرئيس سعيد بإقتراحات الأحزاب، بل أنه لم يدعوها للتشاور أصلا… ذاك موقف من الأحزاب و من النواب على حد السواء، موقف لا يختلف في تقييمه مع الغالبية العظمى من التونسيين.
بقلم توفيق زعفوري *
كان للرئيس رأي آخر، اختار من خارج المنظومة السياسية و ابتعد عن الولاءات و الحسابات الحزبية محررا رئيس الحكومة المكلف من أي ضغوط سياسية و حزبية، عدى ضغوطات الوضع الاقتصادي و الاجتماعي.
تونس لم تعد تتحمل أزمات تراكمت على بعضها، و انتظارات التونسيين لحكومة مستقرة و قادرة على العمل و حل الملفات العالقة أصبح مستعجلا و أكثر إلحاحاً، و مهما يكن من تداعيات الاختيار بين مرحب و رافض و متردد، فإن هشام المشيشي حسابيا حصل على دعم من عدة أحزاب منها حركة الشعب و كتلة الوطنية و حزب إتحاد الفلاحين، ولازالت ردود الفعل الايجابية تتوالى عدى اليمين و اليمين المتطرف، الأول لأنه صدم في عدم الأخذ بمقترحاته (سقط من حسابات الرئيس كل من الفاضل عبد الكافي و خيام التركي) و الثاني بقي مهاجما الرئيس متهماً إياه بالفرعنة و بأنه أصبح عبء على الانتقال الديمقراطي! هذا الإئتلاف المقهور لعدم استشارته و عدم إيلائه الاهتمام المناسب لوزنه البرلماني! بدأ عقده ينفرط بانسحاب عماد دغيج منه.
عاكس الرئيس الجميع واضعا أمامهم شخصية من خارج “السيستام”
المشيشي أصبح اليوم كفاءة، و ابن الإدارة، لكنه لم يلفت الانتباه و لم يلتفت إليه أحد نظرا لاختيار الأحزاب لشخصيات مضمونة و موالية لها و تعمل لصالحها و لصالح أجندتها، فكان أن عاكس الرئيس الجميع واضعا أمامهم شخصية من خارج “السيستام” و من خارج الأحزاب، شخصية من قلب الإدارة و مشبعة بالقانون و الخبرة، واضعا الأحزاب و النواب أمام الأمر الواقع، إما أن تقبلوا بحكومة الرئيس الثانية أو يمشي البرلمان بنوابه.
يتعرض الرئيس منذ أسابيع إلى هجمات متتالية خاصة بعد إثارة موضوع السيارة الإدارية و إستدعاؤه لرئيس البرلمان على خلفية الفوضى العارمة فيه و التعطيل الذي شل عمله تنضاف إليها الضغط السياسي المسلط على رئيس البرلمان، ومرور لائحة سحب الثقة منه رغم المماطلة و الالتفاف.
اختراق كبير للأحزاب و خاصة لحركة النهضة
تعيين هشام المشيشي بتكوين حكومة، هو اختراق كبير للأحزاب و خاصة الحزب الأكثر تمثيلية في البرلمان وهو حركة النهضة كونه دستوريا هو من يكلف رئيس الحكومة أو يقدم الشخصية الأقدر، لكنه يجد نفسه خارج حسابات الرئيس وخارج منظومة الحكم أصلا بعد إقالة وزرائه من الحكومة السابقة، و بعد إفلات زمام المبادرة من بين يديه.
الأيام القادمة ستكشف معادن الأحزاب و النواب، من ولاؤه لتونس و من ولاؤه للأحزاب… إن غداً لناظره قريب…
* صحفي و محلل سياسي.
شارك رأيك