رغم أن لائحة سحب الثقة من رئيس مجلس النواب راشد الغنوشي سقطت اليوم الخميس 30 جويلية 2020 بسبب خيانة نبيل القروي و نواب قلب تونس لعائلتهم السياسية فإن حركة النهضة الإسلامية و رئيسها الذي علمها السحر قد سقطا في عيون التونسيين سياسيا و أخلاقيا. و ما سيطرتهم على البرلمان سوى مسألة وقت…
بقلم توفيق زعفوري *
سقوط سياسي بدأ منذ سنوات عديدة عندما فشل النهضاويون في إدارة الدولة من حكومة إلى حكومة و أفسدوا الإدارة بالفاشلين وعديمي الكفاءة و نثروهم من وزارة إلى وزارة و من إدارة إلى إدارة مفتوحة انتدابا و احتسابا و حقا نضاليا مشروعا لفائدة منظوريهم من النهضويين دون سواهم، حتى إذا ألغموها بالانتدابات و اكتفوا، زادوا في تعويض منظوريهم من جيوب التونسيين وعلى حساب التونسيين المقهورين المسحوقين، حتى ملف مراجعة التعيينات ظل حبرا على ورق أو مجرد ملف للمزايدة… تماما كملف الانتداب الأخير، المغلف بالتجارة و المناورة، و هو ما سنعود إليه لاحقا. في موضوع السقوط الأخلاقي…
يهددون التونسيين كلما ضاق عليهم الخناق
السقوط السياسي في تقديري واضح من خلال اعترافهم عند أي عقبة أنهم يتدربون على الديمقراطية و أنهم مازالوا سنة أولى ديمقراطية، فشلوا في ضمان أمن التونسيين فكان الإغتيال السياسي الأول ذات فيفري 2013، ثم فشلوا في إدارة المرحلة فكان الإغتيال السياسي الثاني، في جويلية من نفس العام. والأغرب أنهم يهددون التونسيين بالارهاب و التهريب كلما ضاق عليهم الخناق… كلما ضاق عليهم الحبل ضغطوا زر الإرهاب و قد أفشلت وحدات الأمن بالحمامات أمس عملية إرهابية كانت تستهدف مطعما سياحيا معروفا.
هؤلاء بُناة إقتصاد و مؤسسات… بالإرهاب و الحرائق المشتعلة في كل زاوية…
سقطوا سياسيا عندما تحالفوا مع الفساد بعد حلفان… ثم أسقطوا حكومة إلياس الفخفاخ من أجل أن يجد الفساد موطئ قدم في القصبة من خلال حزب قلب تونس و رئيسه نبيل القروي و ذلك تحت مسميات حكومة الوحدة الوطنية وتوسيع الحزام السياسي. و لازالوا على نفس اسطوانة حكومة الوحدة الوطنية و قد طلبوا من رئيس الحكومة المكلف هشام المشيشي أن تكون جكومته القادمة كذلك…
هم فقط مصرّون على خرابها بعد إفلاسها، هم فقط يخدمون المعبد و التنظيم و مصالح الحزب الضيقة، أساسا إنتماؤهم للمعبد أقوى من إنتمائهم لتونس حتى إذا استقال أو إنشق أحدهم تأخذه رابطة العقيدة في الدفاع عن دوائرهم أكثر من رابطة المواطنة، هؤلاء في كلمة: لا ينتمون إلى الوطن…
السقوط الأخلاقي بالنفاق والكذب والمغالطات
أما السقوط الأخلاقي فله على الاقل وجهان: الأول، عندما تصادموا مع الرئيس قيس سعيد و اختلفوا معه أو هم أرادوا جر الرئيس إلى المحور الإقليمي المساند للإخوان المسلمين في ليبيا و ظنوا أنهم يربحون مساحات واسعة على حساب الرئيس، فكان أن هددهم بالصواريخ الدستورية الجاهزة، ثم تمادوا في توسيع دائرة الفوضى في البرلمان من خلال سوء الإدارة و التسيير و عدم التواصل و التشاور فقط مع منظوريهم و حلفائهم حتى قسموا التونسيين بين محاور محسوبة على الدول الإقليمية متهمين الخصوم بالعمالة و التصهين، وهم أنصار و رجالات الثورة الحقيقية، فتبا ما أوقحهم أبناء إبليس…
الوجه الثاني و الأخطر، هو إيهام جمهور العاطلين عن العمل بأنهم متضامنون مع معاناتهم وهم ما فكروا في تشغيلهم طيلة عشر سنوات تقريبا، و هم يمسكون بزمام الأمور و لهم السلطة و السلطان و قد كانت وزارة التشغيل و التكوين المهني في يديهم من زياد العذاري إلى سيدة الونيسي، لا شيء يذكر إلا تزايد جموع العاطلين من سنة إلى أخرى فعن أي مشاريع و أي أنجازات يتكلمون!؟
ملف تشغيل من طالت بطالتهم، ملف ملغم هو كلمة حق أريد به شر، و هو بمثابة كرة الثلج التي تدحرجت منذ تسع سنين، فلما التهبت و صارت ناراً، رموا بها في وجه الحكومة الجديدة! ثم إن هذا القانون الذي صوتوا على تمريره أمس فيه إخلالات عديدة تهم العمر و سنة التخرج و التسجيل المتواصل في مكاتب التشغيل و عدم وجود معرف اجتماعي و كلها معوقات تجعل ممن تتوفر فيهم الشروط لا يتجاوزون المائة و هذه مغالطة، ثم أمعنوا في مغالطة الناس والمتاجرة بهم عندما دعوهم إلى المجيء إلى المجلس، و بدأوا في إلقاء الخطب الوهمية والحالمة حتى يظهروا أنهم مدافعين عن العاطلين و أصروا على تمير القانون دون أن يناقشوا تمويل هذه الإنتدابات في زمن نتحدث فيه عن نمو يقدر ب 7 سلبي!!! و يلزمنا سنوات حتى نتعافى من آثار الكوفيد…
* صحفي و محلل سياسي.
شارك رأيك