في هذا المقال يرد الكاتب على تهجمات الفيلسوف أبو يعرب المرزوقي على الرئيس قيس سعيد و دفاعه المستميت على خيانات نبيل القروي و حزب قلب تونس و نتاقضاتهما و استبسالهما في التذلل إلى حركة النهضة الإسلامية التي يعتبر المرزوقي أحد المنظرين لضحالاتها الفكرية والسياسية.
بقلم توفيق زعفوري*
ما كنت أحسبك تتدحرج سريعا إلى القاع كل مرة… أولا أرد عليك من موقع المتابع الناقد المتحرر من ولاء الأحزاب، ولكي يطمئن قلبك أكثر، فلا أنا مع النهضة و لا مع حمة و لا عابر كعبير موسي و لا ممن وصفتهم صبايحية، و هو توصيف أخلاقوي دأبت عليه وجماعتك ولا ألومك عليه فكل إناء بما فيه يرشح، ولا من مناصري التيار الذي سويته مع عبير بإختلاف بسيط: هذا زغراط كبير و ذلك زغراط صغير، و هو تقسيم نهضوي مستجد للتونسيين في نسخته الثانية…
و بما أنك صاحب نص “فلسفي” ف “لا براءة للفكر كما مقابل ذنب الممارسة” كما تفعل نفعل و كما تفكر نفكر والنص الآن خارج ملكيتك و نحن أحرار في تشريحه و تقطيعه و وضعه موضع السفود، بعد إذنك…
تقول أنك لا تعرف أحدا من أعضاء قلب تونس معرفة مباشرة و أنا أصدقك و هنا أنزهك عن الافتراء فلستَ مطالبا أن تعرف الناس جميعا، و تضيف أنك قدّرت “رجولية” بعضهم… و هو ما يعني أن البعض الاخر فاقد للرجولة، التي لم تبيّن لنا مفهومك للرجولة و الرجلة و الذكورة و حتى “الجندرية”.
كنت أتمنى لو أنك أطنبت في هذا و لكن أنت حر فأنت تركز على فكرة بذاتها و ها نحن نناقشها معك فلا بأس، فلو أنك سمعتَ ما تسرب من قعدات نبيل القروي و هو يهدد التونسيين و القضاة لغيّرت رأيك فيه، و في” الرجلة” أما إذا كان القروي أنظف من قيس سعيد فتلك سقطة أخرى من سقطاتك المعهودة و بما أنك تهاجمه، بأسلحة دونية، فذاك يأكد لنا أنه على صواب و أنك على ضلال.
و لن أضيف أكثر فأنت تجمع بين الأضداد و كأنك تقارن بين مانهاتن و الزعافرية، مع إحترامي لهذه القرية المناضلة التي لا تعرفها طبعا…
الآن بعدما أنقذ نبيل الطاهر التقي ذو الرجولة الظاهرة شيخكم من السقوط، بعدما أحنى ظهره ليوصله إلى ظهر البرلمان، بعد جدل، أصبح القروي من بُناة الدولة و حُماةالثورة، يمكن أن يكون سيدك الجديد من بناة الدولة العميقة وحُماة الثورة ثورة صاحب الحمار أو الثورة البلشفية !!!
أما سعيد الذي إختار نهجه، فهو من هدامي الدولة و قد إختاره من الناخبين ما يتجاوز مرشحيكم و ناخبيكم و ناخبي نبيل صاحب تسكرة الفقر، هل صدقت فعلا أن نبيل سيقضي على الفقر في تونس!؟ فأي سذاجة هذه !؟
نزلت أكثر إلى القاع عندما شخصنت الأمور و كشفت أنه، أي الرئيس سعيد، لم يقدم بحثا علميا واحدا… أذكرك فقط أنه ليس من الضروري أن تكون مثقفا لتتقدم للانتخابات أو صاحب بحوث علمية أو دكتور كبير جدا، حتى تكون رئيسا، لا أضنك تجهل كيف يصل النواب إلى باردو ديمقراطيا، انتخابيا، و صوليا محاباتيا : لا أتكلم عن أزمة القوائم الإنتخابية التشريعية لحزبكم الأخيرة التي كادت أن تعصف به، فليس في الرئيس عيب أو ما يمنع ترشحه للرئاسة أو أي انتخابات كأي مواطن عادي، فما تسمح به لنفسك و حزبك و طائفتك، لمَ تُنكره على غيرك فيلسوف، أهذه رُجلة!؟
فعلا معادن الرجال لا تبرز إلاّ في الشدائد كما تقول، لكن فيلسوف إسمح لي بسؤال مذنب جدا، لو نبيل باني و مناضل و ملهم و رجولة وووو، بما أنه صوّت لوصول الشيخ إلى البرلمان، فهل كنت ستحافظ على نفس التوصيفات و نفس مواقفك من نبيل لو هو و كتلته صوّتوا مع سحب الثقة من الشيخ!؟ لا أريد جوابك فقد وصلني، مع موضوعية مقالاتك، لكن سأضيف إلى سعة ثقافتك ما غاب عنك، فلا يمكن أن تدعي الحقيقة، من باعوا تونس ثمنا بخسًا، إنكشفوا، و سينكشفون أكثر مع أول وظيفة أو منصب في مؤسسات الدولة، لا تقلق فذاكرتنا ليست قصيرة و نحن نتابع بلا كلل…
أما موقفك من الإعلام و الحضور فيه فذاك شأنك، لكني أسألك عن إمكانية إعتبار قناة نسمة القناة المارقة عن إعلام عبد الوهاب عبد الله، قناة نموذجية شريفة، لصاحبها باعث الشرف و الرجلة، صاحب نقطعوا تسكرة الفقر…
أرجو لك طول الأنفاس حتى ترى تونس بلا فقراء، دعوة لك مني من القلب و أشهد الله على حسن نوايايا، لست كالحركات العقائدية أستبطن غير ما أعلن! ترى ما كنت تقول في سرك عندما سُئل نبيل عن الأطراف التي يمكن أن يتحالف معها، فقال كل الأطراف إلا الإسلام السياسي و ما جاوره، ما عساك كنت تقول عنه وقتها!؟
الفيلسوف لا يفوت فرصة الجدل على حساب الرئيس و الإتحاد و بعض القطاعات، كموقفه من النشاط السياحي الذي وصفه ذات مرة أنه نوع من البغاء السري، ما أثار حفيظة وزير السياحة أنذاك إلياس الفخفاخ و العاملين في القطاع، سقطة أخرى تدل على المكنون السيكولوجي للشخص و مفهومه لكل ما هو متحرر و منفتح، مع إسقاطات الأنشطة المقارنة كما في فرنسا و إيطاليا، يدل على عدم دراية بالنشاط السياحي و تفاصيله، فلا يمكن للفيسلوف أن يعرف كل شيء، أليس كذلك فيلسوف أم أنك تدعي إمتلاك الحقيقة!؟
سوف أكون أكثر إنصافا و أقول أننا فعلا خسرنا بحوثك العلمية و الأكاديمية و محاضراتك في الخارج، كان يمكن أن تكون مشاريع ثورة ثقافية أنت قائدها و بانيها، لكن ليس في تونس… لن أطيل في هذا الآن و لا أريدك أن تذكرني بسوء لحدة قلمي و مضاوة لساني، فلو أني مدحتك لكنت من الفائزين، و كما قلت في أول المقال، لا براءة للفكر مقابل ذنب الممارسة…
* صحفي و محلل سياسي.
شارك رأيك