في تدوينة نشرها ظهر اليوم الجمعة 7 أوت 2020 على صفحته الرسمية بالفايسبوك، أعلن القيادي بحركة النهضة الحبيب خضر عن استقالته من رئاسة ديوان رئيس مجلس نواب الشعب راشد الغنوشي الذي قبلها وذلك بعد قضاء 8 أشهر في هذه المهمة و أثار عديد الإنتقادات بسبب التزامه بخط حركة النهضة و عدم التزامه بالحيادية اللازمة المطلوبة.
و يقول خضر أن هذه المدة الاستثنائية التي قضاها في هذه المهمة، رغم قصرها، كانت ثرية و مليئة بالأحداث و عدد خضر هذه الأحداث في تدوينته هذه منذ تسلمه مفتاح مكتبه في نوفمبر الماضي:
“الحمد لله وحده، أُنهي اليوم عملي كرئيس لديوان رئيس مجلس نواب الشعب، أنهيه اختيارا وبالتنسيق مع السيد رئيس المجلس، وبذلك أكون قد قضيت ثمانية أشهر، استثنائية بكل المقاييس، في هذه المهمة، وتفانيت في بذل ما يُنتظر مني من جهد نهوضا بأمانة المسؤولية. ثمانية أشهر، قد تبدو قصيرة، ولكنها كانت ثرية بأحداثها.
“في الأشهر الثمانية عاشت بلادنا الأزمة غير المسبوقة الناجمة عن انتشار فيروس الكورونا، وقد تطلبت رؤية مختلفة لعمل المجلس بآليات وهياكل تتناسب مع المقتضيات وقد كان المجلس سباقا في استشراف الوضعية واتخاذ القرارات مما سمح بمواصلة عمله دون انقطاع رغم ما كان في البداية من بعض المعارضة لذلك ودفع البعض نحو “تجميده”.
“في الأشهر الثمانية، رفعت عدة قضايا أمام القضاء الإداري طعنا في حصيلة أعمال بعض هياكل المجلس، وقد ترافقت جل القضايا بمطالب في إيقاف التنفيذ ولم يقبل القضاء الإداري منها أي مطلب نافيا عنها الجدية. وقد كان آخرها الطعن في قرار تفويض الإمضاء المسند لي من السيد رئيس المجلس الذي تم تحويله إلى قضية رأي عام ثم قال القضاء كلمته فيه.
“في نفس المدة، تم لأول مرة إعمال آلية التفويض لرئيس الحكومة لإصدار المراسيم، وما صاحب ذلك من جدل وسجال، وها قد انقضت مدة التفويض وأحيلت المراسيم للمجلس للبت في مآلها. في المدة نفسها يحصل لأول مرة أن تتقدم حكومة لنيل ثقة المجلس فلا تنالها ثم تتقدم أخرى فتنال الثقة، وقريبا تحلُّ حكومة جديدة تنشُد ثقة المجلس.
“تخلل هذه المدة من الاعتصامات داخل المقرات ثلاثةٌ، فاتحتها اعتصام نواب بقاعة الجلسات العامة بالمبنى الرئيسي بالعباءات المزركشة، ثم اعتصام بقاعة الجلسات العامة بالمبنى الفرعي أواخر شعبان وبداية رمضان، وخاتمتها اعتصام بقاعة الجلسات العامة بالمبنى الأصلي توسع ليشمل قاعة الجلسات العامة بالمبنى الفرعي ثم امتد لمكتبي ليرفع يوم عرفة، وقد كانت اعتصامات معطلة للعمل العادي للمجلس تنطلق في كثير من الأحيان دون معرفة سبب حقيقي لها وتُرفع بشكل يطرح أسئلة بشأنها.
“في هذه المدة كان هناك عنوان واضح لا تخطئه العين، وهو الاستهداف المكثف للسيد رئيس المجلس وقد نالني بالتبعية شيء من ذلك، وقد كان للسيد الرئيس من رحابة الصدر ما سمح بتجاوز عديد المحطات غير المسبوقة. فالرئيس قد قبل طوعا بجلسة للحوار حول الدبلوماسية البرلمانية وهو يعلم أن هناك حرصا لدى البعض لاستغلالها مناسبة للمساءلة، كما وافق على عقد جلسة عامة للتصويت على سحب الثقة منه وحرص يومها على نجاحها كمحطة لممارسة آلية ديمقراطية أكثر من الاهتمام بضمان مخرجاتها.
“كل هذه الأحداث وغيرها عايشتها من موقعي كرئيس للديوان وكان لي إسهام في التفاعل معها في نطاق ما لدي من صلاحيات ومهام، وأحسب أني كنت موفقا في جل عملي، وأحمد الله على أن مجلس نواب الشعب قد تمكن في هذه الدورة العادية المنقوصة (انطلقت منتصف نوفمبر عوض بداية أكتوبر) ورغم كل ما تخللها من تعطيل من تحقيق أرقام تنطق بالجهد المبذول. ثمانية أشهر كنت فيها إلى جانب السيد رئيس المجلس بالنصيحة الصادقة والرأي المخلص لا أبتغي من ذلك إلا الإيفاء بالمسؤولية الموكولة لي ما يجعلني اليوم أستشعر راحة وطمأنينة في دواخل نفسي، فإن كان بدر مني تقصير عن غير قصد فإني أعتذر. قبل الختام، ومن منطلق المسؤولية الوطنية، أتوجه بالنصح لكافة الأطراف حاثا على التصرف بمسؤولية تتناسب وخطورة الوضع الاقتصادي والاجتماعي الذي وصلته البلاد والذي لم يعد يحتمل تضييع وقت ثمين قد يتعذر تداركه.
“أخيرا، أشكر السيد رئيس المجلس على الثقة، كما أشكر كل إطارات وأعوان المجلس على حسن التعاون لما فيه خير المؤسسة البرلمانية، ولا يفوتني أن أتوجه بالتحية للسادة النواب، وكثير منهم زملاء لي في المجلس الوطني التأسيسي أو في المدة النيابية الأولى لمجلس نواب الشعب، وحتى من دأبوا على التحامل عليّ فلا ضغينة لديّ على أحد منهم وعسى أن يكون في التقييم الموضوعي السليم ما يعطي كل ذي حق حقه، متمنيا للجميع التوفيق في أداء واجبهم ففي ذلك مصلحة الوطن والمواطن. في حفظ الله دمتم باردو في 7 أوت 2020”.
شارك رأيك