الطريقة التي عولج بها طلب العروض الدولي المتعلق باقتناء 420 ألف عداد كهربائي ذكي وتركيزها في منطقة صفاقس تعد نموذجا لما نسميه عادة بالاقتصاد الريعي التي تستفيد منه عديد الشركات دون أدنى مجهود أو مغامرة أو استثمار.
بقلم الصحبي بن فرج *
الشركة التونسية للكهرباء والغاز (الستاغ) أطلقت طلب عروض دولي يتعلق باقتناء 420 ألف عداد كهربائي ذكي وتركيزها في منطقة صفاقس بقيمة مالية تقدٌر ب 123 مليون يورو(400 مليون دينار تونسي) وهي دفعة أولى من برنامج وطني لاقتناء وتركيز 4 ملايين عداد ذكي.
يتم تأجيل طلب العروض عديد المرات من ديسمبر 2019 الى جويلية 2020 ثم أكتوبر 2020 بدون أسباب مقنعة.
كفى الله المؤمنين عناء الاستثمار
خلال الأسبوع الفارط، تعلم إدارة الستاغ المتنافسين بتغيير المقاييس المالية المطلوبة في كراس الشروط الأصلية “استجابةً” لتظلٌم بعض العارضين المحليين (رأس مال الشركة المشاركة، رقم معاملاتها، مديونيتها…) لنستنتج بالتالي ما يلي:
أولا، أن العارضين المحليين لم تكن لديهم الأموال اللازمة لتنفيذ هذه الصفقة حسب المقاييس الأصلية عند إطلاق طلب العروض. وحسب رأيي الشخصي، هم لا يريدون استثمار أموالهم في تطوير المشروع وإنما فقط يريدون الاستفادة ماليا من الصفقة وكفى الله المؤمنين عناء الاستثمار.
ثانيا، أن التاجيل المتكرر هو في الواقع تمكين “العارضين المحليين” من فرصة من أجل لملمة أمورهم حتى يكون عرضهم المالي والتقني مطابقا لكراس الشروط. يعني أنه لو تم تنفيذ طلب العروض في ديسمبر أو حتى جويلية فستكون عروضهم مرفوضة تقنيا وقانونية بقطع النظر عن العروض المالية.
بما أنهم لا يستجيبوا للشروط… فإن الشروط سستجيب لهم
ثالثا، رغم التاجيل المتكرر، لم يتمكن العارضون المحليون من الاستجابة للمقايبس الأصلية بدليل التظلم الذي تقدموا به.
رابعا، ماذا تفعل الستاغ؟ بما أنهم لا يستجيبوا للشروط… فإن الشروط سستجيب لهم.
نغير إذا المقاييس المالية الصارمة الأصلية بمقاييس جديدة على المقاس الشخصي وليس على المقاييس الدولية التي تفرضها صفقة بهذا الحجم.
أعيد مرة أخرى أن ما يقع في صفقة العدادات الذكية هو إعادة بالصورة البطيئة لما وقع في صفقة معالجة النفايات التي أسقطت حكومة إلياس الفخفاخ.
* طبيب و نائب سابق.
شارك رأيك