عقب الثورة التونسية في 2011 التي جلبت الخراب علي تونس وعلي المنطقة، تأسس في تونس مشهد سياسي يمسك بتلابيبه ومفاتيحه الإخوان المسلمون من خلال واجهتهم السياسية حزب النهضة، كانوا في البدايات لهم قاعدة شعبية أوصلتهم لأغلبية برلمانية مكنتهم من الحكم، وبعد سنوات فشلهم الذريع في إدارة البلاد، تقلصت شعبيتهم ووصلت إلي حد خوفهم الآن من أي انتخابات قادمة، لكن حدث هذا الهبوط لشعبيتهم بعدما اخترقوا مفاصل الدولة.
بقلم محمد مصطفى *
للأسف الشديد، تأخر كثيرا الشعب التونسي حين ترك الإسلاميين حتي صاروا الآن يخنقون الوطن وليسوا في حاجة لصندوق، وإذا حدث الاحتكام للصندوق فلهم من الحيل العديدة للحفاظ علي مواقعهم في البقاء وذلك من خلال ما دسوه بالتغلغل داخل مفاصل الدولة، ولن يكون ثمة حل إلا بثورة شعبية تطيح بهذا النظام وأدواته التي رسمت سياسات تونس علي مقاس الإخوان المتأسلمين، ثورة تطيح بهم وبقواعدهم وبأسرع ما يكون وإلا ستدخل تونس في نفق مظلم…
خطة إردوغان تستهدف تحويل تونس إلى قاعدة لتركيا في شمال إفريقيا
وبالعودة لتغلغلهم داخل المؤسسات فقد مكن سقوط نظام الرئيس التونسي زين العابدين بن علي، عصابة حزب العدالة والتنمية التركي من التغلغل في جيش تونس، عبر بوابة الاتفاقيات العسكرية، بمساعدة عملاء جماعة الإخوان في الداخل التونسي، والاقتراب من الأحداث في ليبيا. إذ كانت خطة رجب إردوغان تستهدف تحويل تونس إلى قاعدة لتركيا في شمال إفريقيا، لدعم الجماعات المتطرفة، في محاولة بائسة من بلطجي اسطنبول أردوغان لاستعادة وهم العثمانية المقبورة، واستغلال وجود إخوان تونس في السلطة، عبر حزب حركة النهضة، الذراع التونسية للتنظيم الدولي للإخوان المتأسلمين…
إذن استخدمت تركيا ورقة الاتفاقيات العسكرية، لاختراق الجيش التونسي والهيمنة عليه، وضمه لمحور عسكري يخدم مشروعها الإخواني التوسعي. وذلك بمساعدة إخوان تونس . وبدأ ت عملية التغلغل العسكري التركي في تونس فعليًا، في أبريل 2012، بعد التصديق على اتفاقية للتعاون الأمني في أنقرة.
في يونيو 2013 صادقت تونس على بروتوكول تعاون في مجال التدريب الشرطي، وفي أكتوبر من نفس العام وقعت الدولتان اتفاقية للتعاون الأمني، تلاه في أفريل 2014 إبرام بروتوكول اتفاق في المجال الأمني، جرى توقيعه في أنقرة وذلك بدعوى دعم وتعزيز الأمن والاستقرار، في الوقت الذي زادت فيه وتيرة استقطاب مجموعات كبيرة من الشباب التونسي، لتجنيدهم في تنظيم داعش، ومن ثم إرسالهم إلى أتون الحرب الأهلية في سورية.
وفي ديسمبر 2015 أبرمت الحكومتان التركية والتونسية اتفاقًا للتعاون العسكري والمالي، وشمل التوقيع على بروتوكول تنفيذي للمساعدة المالية.
وفي ديسمبر 2017 زار بلطجي اسطنبول أردوغان تونس، ووقع وزير دفاعه وقتها، نور الدين جانيكلي، اتفاقية للتعاون العسكري مع نظيره التونسي، عبد الكريم الزبيدي، في قصر الرئاسة بقرطاج، وشملت بروتوكولًا في ميدان التدريب العسكري.
وشهد جوان عام 2018 توقيع اتفاق ثنائي وصفه بلطجي اسطنبول أردوغان بأنه يمثل نقلة نوعية في تاريخ العلاقات العسكرية بين البلدين، حيث خصصت تركيا بمقتضاه مبلغ 200 مليون دولار لتمويل معدات وأسلحة أمنية وعسكرية تركية للجيش التونسي، وقال عنه وزير خارجية تونس، خميس الجهيناوي، بأن الاتفاق هو ثمرة لجهود تعاون استراتيجي بين أنقرة وتونس، من خلال مجلس التعاون الاستراتيجي التونسي التركي، الذي يجتمع على مستوى رئاسة الحكومتين.
وفي يوليو من نفس العام أعلنت شركة نورول التركية التي تعمل في مجال الصناعات العسكرية، عن إنشاء وحدتين للصناعات العسكرية التركية في تونس، وصرح عبد الكريم الزبيدي، وزير الدفاع التونسي، عقب اجتماعه برئيس مجلس إدارة شركة نورول، وتوقيعه على اتفاق إنشاء الوحدتين، قائلًا إن تونس بمقتضى هذا الاتفاق ستصبح بمنزلة منصة ترويجية للصناعات الأمنية والعسكرية التركية في سوق غرب إفريقيا.
الإخوان ثبتوا أعوانهم وزبانيتهم في مفاصل الدولة دون الاستناد على معيار الكفاءة
إن إخوان تونس شأنهم شأن الإخوان في كل مكان، ليس لهم ولاء لا لوطن، ولا لدين، الولاء الحقيقي لهم هو لجماعتهم المتأسلمة… وقد شهد شاهد من أهل تونس علي سلوك الإخوان هناك، إنه أستاذ علم الاجتماع بكلية العلوم الإنسانية بصفاقس الدكتور زهير غالي إذ قال في تصريح خاص لـ”العين الإخبارية ” : “إن أنصار حزب النهضة لا يدينون بالولاء للدولة التونسية، هم يعتبرونها رقعة جغرافية تنتمي إلى فضاء إخواني أوسع”، مؤكدا أنهم “ينتهجون مبدأ التقية والكذب من أجل التمكن من كل وسائل الدولة”. وأضاف أن “ذلك يعتبر أصلا من أصول العمل الحركي لدى الجماعة، والذي يتبع منطق اصطياد الفريسة والمواربة والنفاق السياسي وعدم الإيفاء بالوعود، إضافة إلى تكفير الخصوم وتأثيم أعمالهم”.
كما أشار الباحث إلى أن “أجهزة الإخوان سيطرت على الوزارات الحساسة منذ سنة 2011 (وخاصة وزارتي الداخلية والشؤون الدينية) بهدف نشر فكرهم وقاموا بتعيين أقربائهم وساندوا كل الشخصيات السياسية الهشة مثل منصف المرزوقي رئيس الدولة 2011-2014 ومصطفى بن جعفر رئيس البرلمان 2011-2014 ورئيس الحكومة يوسف الشاهد، وفي غمرة هذه القيادات الهشة قام الإخوان بتثبيت أعوانهم وزبانيتهم في مفاصل الدولة دون الاستناد على معيار الكفاءة”. (المصدر/ العين الإخبارية الأحد 2019/1/20).
المعركة الأخطر في منطقة شمال إفريقيا تقع الآن في تونس
وفي الختام نقول: لا بد لنا من التحذير الدائم، بأن المعركة الأخطر في منطقتنا الآن هي في تونس، وكما انطلقت من تونس ثورات الخراب 2011 نخشي أن ينطلق منها نموذج دمج الإخوان في الدولة.
يا أحرار تونس إن كان لنا النصح فإننا ننصح شعب تونس الشقيقة بثورة تطيح بحكم الإخوان الملتحف بعباءة الديمقراطية، كما ننصح الشرفاء في الحكم بعدم التعرض للتحرك الشعبي إذا ما توجه لإسقاط النظام، فالقضاء علي الإخوان لن يكون إلا أمنيا… ولسوف تعود تونس الحبيبة إلي بيتها العربي بعد اختطافها من الماسون المتأسلم لصالح القراصنة الكبار.
* صحفي و كاتب من مصر.
شارك رأيك