لا تتحقق قيم الديمقراطية، والعدالة والمساواة إلّا بدمج حقوق المرأة في منظومة حقوق الإنسان ومعاملة المرأة على أرض الواقع كإنسان، لها ما للرجل من حقوق، وعليها ما عليه من مسؤوليات وواجبات.
بقلم نجاة الزموري *
في اليوم العالمي (8 مارس) أو الوطني (13 أوت) للمرأة، تتواتر الأحاديث والكتابات حول حقوقها وتطرح مجددا قضايا التمييز للنقاش مما يوحي أحياناً بأنّ حقوق المرأة معزولة عن حقوق الإنسان عامة، وليست ذي أولوية ، ولسنا نعرف عندها كيف نصنَّف حقوق الشباب والشابات، وحقوق الكهول وكبار السن … هل نصنفها ضمن حقوق الانسان عامة أم نطرحها للنقاش كحقوق المرأة ؟ هل يمكن اعتبار “الحقوقيين”الذين لا يؤمنون بضرورة تصنيف الدفاع عن حقوق المرأة ضمن أولوياتهم بالمدافعين عن حقوق الانسان ؟
انتقاص أيّ حقّ من حقوق الانسان هو انتقاص من إنسانيته وكرامته
إنّ الاعتراف بحقوق المرأة بوصفها من حقوق الانسان، يعني بالضرورة النظر إلى مؤسسات الأسرة والدين والثقافة أو التقاليد من زوايا مستجدة باستمرار، يعني عدم اعتبارها مجرد مسألة حقوقية مستقلة وهامشية تتنازعها القوانين الوضعية و العقليات الذكورية والشرائع الدينية، فكثيراً ما تأتي حقوق المرأة معطوفة على حقوق الإنسان (حقوق الإنسان وحقوق المرأة)، بخلاف حقوق الرجال المضمونة.
بات من الضروري على المجتمعات والحكومات إعادة النظر في ذواتها ومدركاتها، والانتقال من النظريات القائمة على حقوق الإنسان إلى التطبيق على أرض الواقع، فلم يعد الواقع المعيش مقتصراً على تعنيف النساء والتمييز ضدّ المرأة فحسب (مع أنها في تزايد دائم)، إنما العنف والتمييز يقع على كافة أفراد المجتمعات الخاضعة للاستبداد. فالتونسي اليوم يرزح تحت أشدّ أنواع العنف والخصاصة، وقد سقطت عنه الهوية الوطنية باللجوء والهجرة كما سقطت على أغلبهم حقوقهم الإنسانية الطبيعية كالحق في التنقل والصحة والماء… وسقطت معها الإرادة الذاتية والإرادة العامة في ظلّ النزاعات على السلطة و التسلط.
ضرورة دمج حقوق المرأة في منظومة حقوق الإنسان
الإنسان هو الإنسان، أينما كان وكيفما كان، انتقاص أيّ حقّ من حقوقه هو انتقاص من إنسانيته وكرامته، وأيّة مصادرة لحريته هي هدر لإنسانيته؛ فحرية المجتمعات وتطورها وتقدمها، مرهون وبشكل حتميّ بحرية المرأة وتطورها وتقدمها، وانخراطها في جميع مجالات الحياة، السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، ولا تتحقق حرية المرأة إلا إذا اتسعت مساحة الحريات العامة، وتعززت إمكانات التحوّل الديمقراطي، وقيم العدالة والمساواة، بذلك تتسع المساحة لكلّ فرد من أفراد المجتمع (الأنثى والذكر) للتعبير عن نفسه، وترويج أفكاره والدفاع عنها، وقبول الفكر الآخر والإنسان الآخر، بغضّ النظر عن هويته، أو هويتها، الجنسية، الثقافية…، لا يتحقق ذلك إلّا بدمج حقوق المرأة في منظومة حقوق الإنسان ومعاملة المرأة على أرض الواقع كإنسان، لها ما للرجل من حقوق، وعليها ما عليه من مسؤوليات وواجبات.
* عضوة الهيئة المديرة للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان.
شارك رأيك