ننتظر ما يفعله رئيس الحكومة الجديد السيد هشام المشيشي في البلاد وبالبلاد حتى نستطيع أن نحكم له أو عليه، وعلى كل الأحزاب أن تهدأ وتبحث في المشاريع الجديدة التي تخدم البلاد وتصلح من شأنها، فتونس التي نحبها على حافة الانهيار.
بقلم فوزي بن يونس بن حديد *
بعد أن سبّوه صوّتوا لحكومته، وبعد أن شتموه زكّوا أعضاء إدارته، لماذا هم مرتبكون ومضطربون؟ اتركوا الرئيس السيد قيس سعيد يعمل في مدّته، امنحوه الوقت الكافي، وحاسبوه أو إن شئتم عاقبوه في صندوق الاقتراع، أمّا أن تسحلوه في البرلمان بهذه الطريقة المهينة فهذا غير مقبول، ماذا فعل لكم هل سبّكم، هل شتمكم؟ إذا كنتم تعتقدون أنه خالف الدستور، فاتركوا الأمر للقضاء أن يقول كلمته، وإن كنتم لا تعلمون فذلك بهتان عظيم، وكذب وافتراء على الرئيس.
لم تمر سنة على إمساكه تلابيب الأمور، وكل السيوف مسلطة على رقبته، بينما النواب يتصارعون على توافه الأمور، والشعب مازال يبحث عن الأمل الذي ربما يأتي به رئيس الدولة.
صبرا ثم صبرا ثم صبرا، احكموا عليه بعد خمس سنوات لا الآن فهذا ليس من حقكم، عليكم أن تصبروا وتتريثوا، وتتبينوا، فتلك هي أدوات التمحيص ليتبين الطيب من الخبيث.
الشعب يزداد قلقا على المستقبل فلا تدفعوه أكثر إلى اليأس
لماذا التجني على الرئيس سعيد وهو الذي يحاول إيجاد مخرج لكثير من المشاكل العالقة وأول هذه المشاكل تشكيل الحكومة، واليوم وبعد منح الثقة للسيد هشام المشيشي، على الحكومة أن تستجيب لتطلعات الشعب التونسي الذي ينتظر منها الكثير والكثير سواء على الصعيد الاقتصادي أو على الصعيد الاجتماعي، فبلورة الأقوال في أفعال هو المطلوب في هذه المرحلة الحساسة دون استرخاء أو تلكأ أو تردد أو استرضاء، ومنذ اليوم من عملها ستكون هناك آلاف العيون إن لم أقل الملايين التي سوف تراقب وتنتظر ماذا المشيشي فاعل بهم، ومن أين سيبدأ، وأي الملفات الساخنة سيفتح، وكيف سيكون تعامله مع الأحداث والمطالبات، وكيف سيهز الاقتصاد ويرفع من شأن ميزان المدفوعات ويتغلب على النقص الكبير في الاحتياطات ويقاوم الترددات وهكذا تبدو العملية صعبة أو مستحيلة نوعا ما، رغم ما تحيط بها من آمال تتسرب إلى قلوب الناس.
لكن في كل الأحوال ما إن حازت حكومة المشيشي على الثقة المطلوبة حتى تنفس الشعب الصعداء، بعد أشهر من النكد والترقب والجمود والخوف من حدوث ما لا يحمد عقباه، ويزداد الشعب قلقا على المستقبل الذي لا يبشر بخير، كما قال أحد التونسيين معلقا، “نحن إلى التشاؤم أقرب اليوم، ولم نعد نتفاءل كما كنا من قبل” بعد أن رأوا ما رأوا من صراعات حزبية وسياسية مميتة ومقلقة ومتعثرة.
لكن هل ستترك الأحزاب الحكومة تعمل بكل قوتها، أم ستبحث عن الإخلالات التي ترافقها، ويحاول بعضها صدّ جميع المحاولات وسدّ جميع المنافذ للإطاحة بها كما حدث لسابقتها وإغراق البلاد في فوضى عارمة، كما يريدها بعض المرتزقة، فما نريده حقا أن يترك الأحزاب الحكومة تمضي ما لم يصدر منها ما يخالف الدستور أو ما يمسّ بالأمن القومي بالبلاد، وأن يتركوها تعمل دون عوائق فيكفيها ما لديها من ملفات ثقيلة وساخنة تحاول ترتيبها وعليها أن تعمل بكل جدّ وإخلاص وتفان من أجل الشعب التونسي المرهَق.
أولويات ثلاث: تحسين الاقتصاد، مكافحة الفساد، تشغيل الشباب
هناك أمل لا شك، وهناك نور يلوح في الأفق، وهناك ضوء في آخر النفق، وما على المشيشي إلا الغوص في الوسط، ويصدق الشعب فيما يفعل حتى ينال ثقته، ويجعل أولوياته الثلاث: تحسين الاقتصاد، مكافحة الفساد، تشغيل الشباب أهم ما ينتظره، وإذا نجح في كسر شوكة المتآمرين على البلاد في الداخل والخارج فإن الفرج آت بإذن الله تعالى، وتبدأ مسيرة تونس الجديدة نحو النجاح والفلاح وترميم كل انكسار وإعادة بناء كل انهيار، وعندما تتحد الحكومة والرئاسة والبرلمان يكون حينئذ الانتصار الكبير على كل المشاكل والعراقيل.
ننتظر الأشهر الأولى لعمل الحكومة، لنرى من أين ستبدأ عملها، وكيف تمارس مهنتها، وهل هي جادة فعلا في تجنيب البلاد كارثة اقتصادية وانهيارا اجتماعيا، أم كان الحدث مجرد خطابات جوفاء لا علاقة لها بالواقع، ننتظر حتى نقول كلمتنا ويقول الشعب كلمته، ننتظر كيف سيتصرف الرئيس والبرلمان أيضا في تعاونهما مع الحكومة المشكّلة، ننتظر ونأمل ونتفاءل وربما نحصل على ما نريد، في وقت صعب وجليل، يستدعي التريث والتبيّن والتمحيص قبل الإقدام على أي قرار حتى يكون في موقعه ومكانه الصحيح، ننتظر ما يفعله رئيس الحكومة الجديد السيد هشام المشيشي في البلاد وبالبلاد حتى نستطيع أن نحكم له أو عليه، وعلى كل الأحزاب أن تهدأ وتبحث في المشاريع الجديدة التي تخدم البلاد وتصلح من شأنها، فالبلاد على حافة الانهيار.
* محلل سياسي.
شارك رأيك