كفاكم مخاتلة يا أنظمة عربية، أنتم و جامعتكم صنيعة المخابرات البريطانية التي هي منذ سنوات في موت سريري. و كفاكم ضحكا على ذقون شعوبكم الغلبانة و التظاهر بالطهورية كلما أعلنت دولة منكم عن زواجها السري مع إسرائيل و أشهرته للعلن.
بقلم محمد صالح حمايدي *
الأنظمة العربية التي توجه هذه الأيام اتهامها إلى دولة الإمارات لأنها طبعت مع إسرائيل كلها مطبعة مع إسرائيل إما في السر أو في العلن و كلها تتاجر بالقضية الفلسطينية منذ 1947 أي عشرات السنين قبل قيام دولة الإمارات العربية المتحدة، و منهم السعودية التي قررت علنا السماح للطائرات المنطلقة من إسرائيل و القادمة إليها من عبور المجال الجوي السعودي.
الأنظمة العربية التي ليست لها علاقات دبلوماسية مع إسرائيل تدعي كلها معارضة التطبيع و هي مطبعة في الخفاء لا تهمها القضية الفلسطينية بقدر ما يهمها السيطرة على الرأي العام الداخلي و تحاشي انتفاضة شعوبها
.
من مظاهر المخاتلة للأنظمة العربية نقلها للجامعة العربية من مقرها في القاهرة إلى تونس سنة 1979 بعد أن طبعت مصر مع إسرائيل و تم تبادل السفراء.
بعد 10 سنوات، قررت الدول العربية إرجاع الجامعة إلى مقرها بالقاهرة أين يرفرف العلم الإسرائيلي. و ما الداعي؟ هل لم تعد مصر دولة خائنة للقضية الفلسطينية بتطبيعها الكامل و العلني مع إسرائيل ؟! و قد حذت حذوها المملكة الأردنية التي كانت الضفة الغربية جزءا منها إلى حد اجتياحها من طرف إسرائيل في حرب جوان 1967. فلا من احتج و لا من قطع علاقته مع الأردن. ثم تتالت خطوات التطبيع التجارية العلنية مع إسرائيل من طرف كل من موريتانيا و قطر غيرهما.
إذا ضاعت القضية الفلسطينية فذلك بسبب الأنظمة العربية التي حشرت نفسها في هذه القضية منذ 1948 بدخول حرب مخسورة مسبقا بالوكالة عن الفلسطينيين و لم تتركهم يأخذون مصيرهم بأيديهم لتحرير بلدهم مثلما حررت الجزائر نفسها من دولة عظمى بفضل ثورة كاسحة و دون شعارات فضفاضة ضحت فيها بمليون شهيدا.
وأعادوا الكرة سنة 1967 التي خسروا فيها الضفة الغربية، بما في ذلك القدس، و سيناء و الجولان.
كل ما يطمح له الفلسطينيون اليوم و يطالبون به أمام الأمم المتحدة هو استرجاع الضفة الغربية بحدود 67. بينما هذه الأراضي كانت تحت سيادتهم سنة 1965. و كان الزعيم الخالد و صاحب بعد النظر الحبيب بورقيبة الذي زارهم وصلى في المسجد الأقصى بالقدس و ألقى خطابا في أريحا نصحهم فيه بقبول قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 184 الذي قسم الأراضي الفلسطينية إلى دولتين واحدة للفلسطنيين و أخرى لليهود و إقامة دولتهم و العمل بالقاعدة التي تقول خذ و طالب. إلا أن الزعامات العربية المغرورة في ذلك الوقت عادته و اتهمته بالعمالة و واصلت الوصاية على الفلسطينيين الذين رفضوا المقترح. فكان ما كان في 1967.
لذا كفاكم مخاتلة يا أنظمة عربية، أنتم و جامعتكم صنيعة المخابرات البريطانية التي هي منذ سنوات في موت سريري. و كفاكم ضحكا على ذقون شعوبكم الغلبانة و التظاهر بالطهورية كلما أعلنت دولة منكم عن زواجها السري مع إسرائيل و أشهرته للعلن. و ها أن ناتنياهو قد بشركم بأن عددا من الدول العربية و الإسلامية، و على راسها السودان، في طريقها للطبيع العلني مع إسرائيل.
أما أنتم يا شعوب عربية فكفاكم أوهاما و البقاء فريسة سائغة للاستغباء.
* رئيس مدير عام سابق لعدد من المؤسسات العمومية و خبير دولي في قانون تعديل هيئات الأـسواق المالية.
شارك رأيك