لسائل أن يتسائل، لماذا كل هذا التركيز والاهتمام الذين أبدتهما رئاسة الجمهورية التونسية بخصوص سفارتنا بالأمم المتحدة، اهتماما مفرطا، إنتهي بمهزلة مدوية، مع الإقالة المسيئة لسمعة تونس للسفير المحنك وصاحب الخبرة منصف البعطي في جوان الماضي، وإلى تراجيديا حقيقية لتونس، مع انشقاق… السفير القدير قيس قبطني، في هاته الأيام…
بقلم هشام المرزوقي *
بدون إطالة، علاوة على أهمية هذا المنصب في حد ذاته، يجدر التذكير بأن تونس انتخبت في جوان 2019 عضوا غير قار بمجلس الأمن، لفترة 2020-2021. وهو منصب شرفي، الغرض منه إضفاء صبغة ديمقراطية على المجلس الدولي الذي تسيطر عليه القوى الكبرى… لكنه اكتسى صبغة رمزية كبيرة هاته الفترة، بالنسبة للعديد من دول منطقتنا العربية والدولية، باعتبار أن الأمم المتحدة ستحتضن هاته الأيام حدثا هاما، لكنه كارثيا على الشعب الفلسطيني وعلى كافة العالم العربي والاسلامي، ألا وهو ما يسمى ب”اتفاقية التطبيع” بين نظام عائلة نهيان، عائلة سعود، عائلة تيمور، و نظام العسكر الانقلابي… ومن خفي من أنظمة مهتزة أخرى، على حساب الحقوق الوطنية والثابتة للشعب الفلسطيني الشقيق.
من هنا أهمية وجود سفير لدولة عربية، وهي تونس، لما تحمله من رمزية باعتبارها مهد الثورات العربية…
فكان الحرص الشديد على إفراغ المنصب من أي ديبلوماسي له وزن مزعجا للبعض، وتصعيد وتثبيت دبلوماسي ثقة، ومعروف عمل بدول الخليج وأيضا بتل أبيب، وبأمريكا…
من لا زال يشكك أن في ذلك، فعليه إعادة الاستماع لما أكده العديد من المرات خميس الجهيناوي وزير الخارجية الأسبق من أنه تولى منصب “مكتب تمثيل المصالح التونسة بتل ابيب” من ماي 1996 إلى جويلية 1997فقط، مع تعويضه لسنة أخرى بديبلوماسي آخر لم يذكر إسمه… والذي لم يكن سوى طارق الأدب، استنادا على الوثائق الرسمية لوزارة الشؤون الخارجية نفسها… وعلى مراسلاته حول مشاركته، في ندوة اشرف عليها “مجلس الأمن والتعاون الاوروبي” (CSCE)، في 2-4 جوان 1996 بالعاصمة العبرية… وفي عدة مجالات أخرى، إلى أن أغلق رسميا مكتب العار، تحت ضعط الرأي العام التونسي، مع الانتفاضة الفلسطينية الكبرى… و طارق الأدب هو الذي عينه أخيرا الرئيس سعيد مندوبا دائما لتونس لدى الأمم المتحدة…
ماذا قلتم سيدي الرئيس؟ التطبيع خيانة عظمى…
* سفير سابق.
شارك رأيك