في رسالة مفتوحة إلى راشد الغنوشي، رئيس حركة النهضة الإسلامية، محمد الحبيب الأسود، القيادي السابق في حركة الاتجاه الاسلامي، يسأل السيخ المتمسك بكرسي الرئاسة : “أتحسب نفسك زعيما؟ فانظر إن كانت لك مميزات الزعامة” و يضيف : “أداؤك التنظيمي والسياسي أضر بالحركة، وأفسد الشأن العام التونسي”. و في ما يلي نص الرسالة…
إنك تعلم، يا سيدي، أنها ليست المرة الأولى التي يجتمع فيها قادة الحركة ويعربون لك عن رغبتهم في أن تتنحى عن رئاسة تنظيمهم، فقد أجمع من قبل إطارات الحركة في المؤتمر الإنتخابي 1984، وقالوا لك إنك لا تصلح لا للتنظيم ولا للسياسة، ونادوا بمجلس قيادي جماعي، وأذكر يومها كيف اتجه إليك الأستاذ عبد الفتاح مورو بالقول: “الأفضل لك أن تتنحى وتتفرغ للكتابة…” وفي مناسبات عديدة كان يقول لك المرحوم الشيخ عبد القادر سلامة، مؤسس الجماعة الإسلامية:” تنحى واترك الشباب يتولون أمر حركتهم…” وكان الشيخ العلامة محمد الصالح النيفر، يقول لنا قاصدا إياك: “لن يفتح الله على يد هذا الرجل شيئا…”
لولا “الفاسدين” لمَا تمكنت من رئاسة مجلس نواب الشعب
الزعامة لها مواصفات يتم تدريسها في علم النفس وفن القيادة، فمن أبرز هذه المواصفات أن يكون الزعيم عامل وحدة وليس عامل تفرقة، وأنت تقول: إن للحركة بابا يدخل منه الناس، وبابا يخرجون منه… وكان ذلك بمناسبة عزم السيد عبد الفتاح على الإسقالة، وتوالت استقالات قيادات الصف الأول احتجاجا على تفردك بالقرار وتهميشك وترذيلك لمؤسسات الحركة، ولم يحرجك ذلك في شيء… فمن أين لك الزعامة؟…
الزعيم قدوة يُعرف بالصدق والأمانة، وأنت تبيت على موقف وتصبح على نقيضه، وتنكر أقوالك وأفعالك جملة وتفصيلا، وتتهم من يذكرك إياها بالمتآمر، طلبت ود الفاسدين وأجبرت حزبك على التحالف معهم، ولولا “الفاسدين” لمَا تمكنت من رئاسة مجلس نواب الشعب، وقد أعطيت العهد على نفسك أمام أتباعك وأمام الرأي العام، وأشهدت الله على عهدك، بأن لا تتحالف مع من نعتهم أنت نفسك بالفاسدين، ثم تشترط أن لا تتشكل أي حكومة إلا بمشاركة الفاسدين، ووجدناك تمارس الفساد السياسي من أظهر أبوابه، حين جمعت وخلطت بين رئاسة الحزب ورئاسة المجلس… فمن أين لك الزعامة؟…
الزعيم هو بالضرورة سفيرا لقومه، والحال أن كل تحركاتك تنبئ بأنك تعمل سفيرا لأردوغان وتركيا، وليس سفيرا لتونس أو حتى للحركة، فإن كنت مغرما بأردوغان وطريقة إداراته لبلده، فالعقل السياسي النير يفرض عليك أن تغبطه على نجاحه، وتسعى بكل صدق الإنتماء لتونس دينا وشعبا وسيادة، وبكل الحس الوطني، لأن تحقق السيادة الكاملة لتونس، وترفع من شأنها أمام الأمم، وتصنع الخير العام لعموم التونسيين، لا أن تحقر من شأن تونس الوطن، وتجعل بلادنا سوقا لرفاه الشعب التركي، وبؤسا وتسحرا وهبوطا إقتصاديا للشعب التونسي، وتطمح أن تجعل هذا الوطن إيالة تحت حكم العصملي أردوغان… فمن أين لك الزعامة؟ …
عليك أن تستقيل، وتريح البلاد وتستريح، فلقد أفسدت ولم تصلح
الزعيم يربي الأجيال على السماحة والخلق الحسن، وأنت وتحت قيادتك أخرجت جيلا جديدا من أتباعك، يمشون بين الناس مرحا وتخاتلا، ويجهرون بالسوء وفحش الكلام، ويكذبون ويكفرون الناس، ويروجون الإشاعة، ويهتكون الأعراض… فمن أين لك الزعامة؟ …
فاتق الله، وعليك أن تستقيل، وتريح البلاد وتستريح، فلقد أفسدت ولم تصلح، وحركة النهضة تحت قيادتك تعاني الوهن والميوعة والتبعية لأجندات أجنبية، وتونس بوجودك أشرفت على الإفلاس، وباتت في آتون الحروب الأهلية.
شارك رأيك