في إطار مساندة الجمعيات البيئية في حملتها ضد التلوث و خطورة انتشار البلاستيك، خاصة بعد القرار الصادر عن وزيري الصناعة و التجارة في حكومة إلياس الفخفاخ و القاضي بالسماح بتعبئة الإسمنت في الأكياس البلاستيكية، بعض الناشطين ينبهون من خطورة هذا القرار على البيئة و المحيط.
القرار المعني هو الصادر عن وزير الصناعة والمؤسسات الصغرى والمتوسطة ووزير التجارة المؤرخ في 5 أوت 2020 المتعلق بتنقيح وإتمام قرار وزير الصناعة والتجارة المؤرخ في 19 جانفي 2017 المتعلق بشروط التثبت في نوعية التسليم والتعبئة ووضع العلامات للإسمنت. وينص التنقيح على تعويض عبارات “أكياس من ورق” و أكياس ورقية و كيس من ورق أينما وردت بالقرار الأصلي بعبارة “أكياس من ورق أو بلاستيك”.
-1 صدر القرار المنتقد بصفة مشتركة بين وزير الصناعة ووزير التجارة دون أن يكون وزير البيئة طرفا في ذلك، علما و أنه حسب الفصل الثاني من الأمر عدد 2933 وزارة البيئة هي المكلفة ب:
*بتنشيط وتنسيق أعمال الدولة في مجال حماية البيئة والمحافظة على الطبيعة بما فيها أعمال المراقبة والوقاية والحدّ أو التخلص من التلوث والأضرار وكل الأخطار التي تمسّ البيئة والمتأتية سواء من الخواص أو من المجموعات الكبرى أو من التجهيزات الجماعية أو من الأنشطة الفلاحية أو التجارية أو الصناعية وغيرها.
*باقتراح مواصفات التخلّص من النفايات والإفرازات المتأتية من الأنشطة الصناعية والعمرانية والفلاحية والسياحية والصحية ومن ميادين الطاقة والنقل ومن بقية الأنشطة الأخرى والمشاركة في إعدادها والسهر على تطبيقها
*السهر على تنفيذ الالتزامات الدولية في ميدان مقاومة التلوّث والوقاية والحدّ أو التخلص من الأخطار وحماية البيئة والتنمية المستدامة “.
2-هذا القرار صدر دون القيام بدراسات فنية لاختيار نوعية الأكياس المناسبة المراد تسويقه في السوق التونسية واقتصر الاختيار على نوعية واحدة ((sac fabriqué à base du plastique tissé laminé. هذا الى جانب عدم تحديد نوع البلاستيك و لا المواد الممنوعة في تركيبتها الكيميائية )المعادن الثقيلة ,( Phtalate,Bisphénol A مما يفسح المجال لاستعمال نوعيات معينة من البلاستيك التي تستوجب بالنظر إلى مكوناتها الخطرة دراسات فنية حول انعكاساتها البيئية والصحية أو استعمال أكياس الممنوعة قانونيا ) مثل الأكياس البلاستيكية القابلة للتفكك عن طريق الأكسدة أو التجزئة الفيزيوكيميائية (oxodégradables (.
3- إن البلاستيك المعد لتعليب مادة الاسمنت والذي لم يحدد القرار موضوع هذا المطلب نوعه يشتمل على العديد من المواد السمية والمعادن الثقيلة التي يتكون منها الكيس أصلا أو التي تستعمل للطباعة عليه هذا بالإضافة إلى أن احتكاك مادة الاسمنت بالأكياس البلاستيكية يضيف عليها نسبة أخرى من الخطورة والسمية ويجعلها غير قابلة للرسكلة، كما أن مادة البلاستيك والمواد السمية والمعادن الثقيلة المرتبطة بها لها أثر كبير و محقق على صحة الإنسان وتسبب العديد من الأمراض الخطيرة منها إصابة الغدد الصماء والاضطرابات الهرمونية والإصابة بسرطان الثديّ والعقم والبلوغ المبكّر والسمنة المفرطة والحساسيّات والسكّريّ.
4-إن البلاستيك المعد لتعليب مادة الاسمنت له عدة سمات تجعل منه ذا خطورة كبيرة على سلامة البيئة وتوازنها :
-هو بلاستيك ذو استعمال وحيد ومن ثم يتم الاستغناء عنه.
-و يستعمل لتعليب مادة كيميائية خطرة تترك فيه أثرا وتغير من تركيبته الكيميائية. و يتفكك إلى جزيئات تنتشر في الطبيعة وتستهلكها الحيوانات وخاصة الأسماك.
-ولا يتم رسكلته أو إعادة استعماله لاختلاطه بمادة الاسمنت ولعجز منظومة الرسكلة في تونس العاجزة أساسا عن تدوير ما يقع توزيعه في السوق من بلاستيك.
-ويفقد قيمته الاقتصادية بمجرد استعماله مما يجعله غير قابل للجمع والتثمين من أي جهة كانت
-وسينتهي به المطاف كبقية الأكياس البلاستيكية في تونس إما بردمها أو في البحر.
-كما يحتوي على مواد سمية ومعادن ثقيلة تتحلل في الأرض والبحر وتسمم المحيط.
5-إن السياسات العمومية للدولة في مجال المحافظة على البيئة وضمان سلامتها ومكافحة التلوث وخاصة الناجمة عن البلاستيك هي سياسات راسخة وثابتة وقد جاء هذا القرار نشازا عنها بطريقة غريبة ومرتبكة مما جعل الكل يبدي رفضه له وأول الرافضين هي مؤسسات الدولة ذاتها وعلى رأسها وزارة البيئة التي اعتبرت أن “هذا القرار سيكون له انعكاسات بيئية كبيرة … خاصة في غياب منظومة متكاملة لاسترجاع ورسكلة هذه النفايات بصفة محكمة….
وانسجاما مع ما اتخذته الحكومة من توجه نحو الحد من التأثيرات السلبية على المحيط للأكياس البلاستيكية وهو ما تجسد بالخصوص في إصدار الأمر الحكومي عدد 32 لسنة 2020 مؤرخ في 16 جانفي 2020 المتعلق بضبط أنواع الأكياس البلاستيكية التي يمنع إنتاجها وتوريدها وتوزيعها ومسكها بالسوق المحلية”.
6- إن السياسات العمومية في تونس في التقليص من التلوث الناتج عن البلاستيك ثابتة و انطلقت فعليا بدايةً من 2016:
-اتفاقية أكتوبر 2016 بين الوزارة وغرفة اتحاد المخازن الكبرى. وبحسب وزير الشؤون المحلية والبيئة السابق رياض مؤخر ، فإن ما يقرب من 315 مليون كيس توزع من قبل العلامات التجارية الكبرى.
-اتفاقية سبتمبر 2017 بين وزارة الشؤون المحلية والبيئة ونقابة الصيدليات بتونس (SPOT) على 2300 صيدلي لاستخدام الأكياس الورقية (حوالي 30٪ من الاستخدام للبلاستيك في تونس)
-جانفي 2018 ، صرح وزير البيئة والشؤون المحلية السابق، رياض المؤخر، على قناة Express FM، أنه بعد قراره، تم أخيرًا إزالة 95٪ من الأكياس من المساحات التجارية الكبرى .
-جوان 2018 ، أعلن الوزير السابق رياض المؤخر أن مرسومًا بشأن الحظر العام على الأكياس البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد سيدخل حيز التنفيذ اعتبارًا من 31 ديسمبر 2019.
-16 جانفي 2020 صدر بالرائد الرسمي أمر حكومي عدد 32 لسنة 2020 يتعلق بضبط أنواع الأكياس البلاستيكية التي يمنع إنتاجها وتوريدها وتوزيعها ومسكها بالسوق الداخلية. ودخل هذا الأمر الحكومي حيز النفاذ من 1 مارس 2020 بالنسبة للمساحات التجارية والصيدليات،و02 جانفي 2021 بالنسبة لجميع منتجي وموردي وموزعي وماسكي الأكياس البلاستيكية.
حيث ان مجموعة من القواعد قد أصبحت واجبة الاحترام من قبل السلط العمومية في خصوص ضمان الحق في بيئة سليمة ومتوازنة.
-إن هذا القرار قام بخرق العديد من المعاهدات الدولية التي صادقت عليها تونس والتي تنص على ضرورة التصدي للتلوث الناتج عن البلاستيك.
شارك رأيك