على اثر وفاة الصحفي القدير المنصف الشلي صاحب برنامج “المنظار” أمس الجمعة 25 سبتمبر 2020 بعد مسيرة حافلة بالابداعات خاصة على مستوى التحقيقات المثيرة بالإذاعة و التلفزة التونسية، برنامج كان ينتظره التونسيون بكل شغف، نعاه كل من عرفه من بعيد او قريب و من بينهم الزميل سعيد الخزامي الذي كانت له مساهمات مع الفقيد.
و في تدوينة نشرها صباح اليوم، نعى الخزامي الإعلامي المرحوم، في قالب شهادة على عصر و هذا محتواها:
“رحم الله المنصف الشلّي وتقبله في جنته… عملتُ مع المنصف، وتعلمت منه، واصطدمت به. كنتُ في منتصف الثمانينيات أشارك في إنتاج برنامج “المنظار” مفخرة التلفزة الوطنية في ذاك الوقت.
وكان العمل الصحفي الاستقصائي هو الأساس الذي يقوم عليه البرنامج في زمن كان الاستقصاء بالكاميرا أمرا عصيا، ليس فقط بسبب تضييقات السلطة ولكن أيضا لأن الاستقصاء نمط صحفي كان مستحدثا وكنّا مبتدئين فيه لا نلِم بكل تقنياته. لكنّ منصف الشلّي كان قادرا، بقِدمه في المهنة وخبرته، على أن يوجه ويعَلِم، إنّما أحيانا ببعض الـغرور والتمسك بالرأي إلى حد الانفعال… أنتجت للمنظار، وقتها، تحقيقات عن الغش في ورش إصلاح السيارات، وعن صناعة التسوّل، وعن سماسرة خادمات المنازل المتاجرين بالبشر، وغير هذا. إلاّ أن العمل مع صديقي الراحل توقف بعد أن أنجزتُ تحقيقا عن الزلاّقة تلك الباخرة التي كانت تربط، في الزمن الجميل الخالي من متاعب الفيزا، بين مدينة قليبية وجزيرة بنتالاريا وبلدة تراباني الإيطاليتيْن.
طلب مني المنصف أن أعود له بروبرتاج عن رحلة الزلاّقة ودورها في تنشيط مدينة قليبية، لكننّي عدت له أيضا بمادة كثيفة عن عمليات “حَرقة” يقوم بها شباب تونسيون في مشهد كرّ وفر مع الأمن الإيطالي داخل الباخرة وفي ساحل بنتالاريا.
تمسكتُ أنا برغبتي في تحويل المواد المصورة إلى تحقيق عن الحَرقة لكنه أصرّ على عدم إجازة إعداد التحقيق، معلّلا الموقف برفض الإدارة العامة للتلفزة، وأمّا المبرر فهو أن التحقيق، إن بُث، فسيضر بصورة تونس. هكذا قيل لي، فقلت سلام… وانسحبت. ألف رحمة على روح المنصف الشلّي”.
شارك رأيك