الحرب على وباء كورونا تحتاج، ككل حرب، إلى قيادة تخطط وتنسق وتضع استراتجية للاتصال والتوعية وحتى الردع. هذا لم نره مع حكومة هشام المشيشي كما رأيناه مع الحكومة السابقة، بالرغم من أنها ارتكبت حماقة فتح الحدود التي نعاني من تبعاتها الكارثية اليوم.
بقلم سعيد الخزامي *
انتظرنا اجراءات تُتخذ رسميا على مستوى عال لمواجهة انتشار فيروس كورونا السريع، وجاءت قرارات رئيس الحكومة هشام المشيشي التي أعلنها ليلة السبت 3 أكتوبر 2020 قويّة في حدود الممكن، إنّما دعْك من أولئك الانتهازيين الذين كانوا يودون لو أنه أعلن العودة إلى الإغلاق التام والحجر الصحيّ الشامل ليبقوا في بيوتهم ويتمتعون بالرواتب المجانية…
بعض هذه القرارات قد تبدو سهلة التنفيذ إذا ما اقترنت بالجديّة مثل منع جميع التجمعات والتظاهرات الرياضية والسياسية والثقافية، وتعديل نظام العمل إلى الحصة الواحدة، والتقليص في عدد ساعات العمل. وكذلك إعلان الحجر الصحي في المناطق التي تشهد انتشارا سريعا لكورونا، ومنع التنقل داخل الجهة وتعليق صلاة الجمعة، إضافة إلى حظر التجول لـمدة 15 يوما في المناطق المصنفة شديدة الخطورة.
هذه كلها إجراءات إدارية يرتبط مآلها بحزم الإدارة التي بإمكانها أن تنفذها بالقوة العامة إن لزم الأمر. لكن لا هشام المشيشي ولا وزيره للصحة فوزي مهدي قادرين على تنفيذ القرارات الأخرى وأعني إلزامية ارتداء الكمامة في كل الفضاءات، والتطبيق الصارم للبروتوكول الصحي في المحلات والمقاهي ووسائل النقل، والتخفيف من الاكتظاظ في وسائل النقل.
هذه الاجراءات، يعلم المشيشي أنها ترتبط أكثر بوعي الناس الناقص جدا في حالة تونس، لكن هل يعلم أيضا أنه يقفز على الواقع عندما يتحدث عن التخفيف من الاكتظاظ في وسائل النقل، والنقل معروف أن وضعيته تاعبة ومتعبة عددا وعدة؟
وأمّا حديثه عن زيادة عدد الأسرّة الخاصة بمرضى كوفيد بتلك الأرقام الضخمة فهو حديث وعود أَلفناه من سابقيه إلاّ إذا ما أثبتته الأيام وهي ليست كثيرة، لا تفوت الشهر، على حدّ ما ذكر…
دعونا نتجاوز جدلا حقيقة أن رئيس الحكومة لم يعلمنا مِن أين سيأتي بالأموال لشراء كل تلك الأسرّة في وقت وجيز، لنذكِّره بأنّ الحرب على كورونا تحتاج، ككل حرب، إلى قيادة تخطط وتنسق وتضع استراتجية للاتصال والتوعية وحتى الردع. هذا لم نره مع حكومته كما رأيناه مع الحكومة السابقة، بالرغم من أنها ارتكبت حماقة فتح الحدود التي نعاني من تبعاتها الكارثية اليوم.
رأينا الوزير عبد اللطيف المكّي يقود الحرب باقتدار وجديّة كما لو أنه ليس من حركة النهضة التي عُرفت بين غالبية التونسيين بالانتهازية والمناورة أكثر ممّا عُرف عنها العمل الصادق لصالح البلاد…
ربما تكون الحكومة قد فعلت ما عليها باتخاذ الإجراءات المعلنة ليلة السبت، لكن الصرامة في التنفيذ تبقى عاملا مهما لنجاح ما أقدمت عليه، ويبقى الأهم أن يرقى التونسيون بالوعي الفردي والجماعي لاحترام إجراءات الوقاية من ارتداء للكمامات، والتزام بمسافة التباعد الجسدي، وغسل الأيدي بالماء والصابون، والتّعقيم، وتطبيق البروتوكولات الصحّية لمختلف القطاعات. وللإعلام دور بالطبع…
* صحفي و كاتب.
شارك رأيك