ليس في السياسة مبدأ أو أخلاق، هذا مبدأ البعض و فلسفتهم في الفعل السياسي، هناك مصالح مترابطة و متبادلة، و في برلمان تونس 8 كتل سياسية مختلفة أيديولوجيا تتقارب و تتباعد حسب الظروف و المواقف و الخطط، لا مبدأ يحكمها و لا قانون، ما يجمعها فقط العمل البرلماني، من تسبّه اليوم تتحالف معه غدا، و من تشوهه اليوم يصبح غدا نظيفا و حليفا، هذا هو “البوليتيك” في تونس…
بقلم توفيق زعفوري *
مساء الجمعة 2 أكتوبر 2020، تؤكد حركة النهضة على صفحتها في الفيسبوك أن رئيس الحركة راشد الغنوشي، اتصل بالناشطة الحقوقية بشرى بلحاج حميدة، و عبّر لها عن تضامنه معها بعد حملة التهجم التي تعرضت لها من قبل النائب فيصل التبيني اعتبرت مهينة لها و للمرأة التونسية عموما… موقف يحسب له. لكن للأسف، ليس مبدئيا بالمرة ولا هو نابع من قناعة راسخة في احترام الذات البشرية و احترام النساء، نساء تونس جميعا، وليس فقط احترام من تتفق معه سياسيا، وازدراء من تختلف معهم.
مبدأ الإسلاميين الوحيد : التكتيك السياسي قبل المبادىء
موقف رئيس البرلمان كان انتقائيا خالصا، وهو بروتوكوليا وسياسيا. هو ليس نائبا ولكنه رئيس هيئة دستورية سيادية وموقفه يجب أن ينبع من هذه الزاوية… تعاطف مع بشرى بن حميدة، لأنها إمرأة تونسية، تعرضت للعنف اللفظي، الذي هو عنف مسلط على النساء و يدخل تحت طائلة القانون و تغاضي عن فعل أقذع منه صادر عن نائب في البرلمان، لما اعتدى سيف الدين مخلوف لفيا على رئيسة كتلة الحزب الدستوري الحر عبير موسي، و لكنه لم يبد امتعاضه هذه المرة و لا حتى نيته في إدانة الاعتداء و كأنه يتشفى من خصم سياسي و يتمنى له أكثر من الإهانة…
نحن هنا نتحدث عن مبدأ إدانة الفعل المشين الموجه لأي امرأة تونسية حتى لو كانت من الخصوم الأيديولوجيين، وكان يمكن لراشد الغنوشي أن يثبت أنه أرقى و أرفع من كل الشبهات التي لاحقته في كل أطوار خلافاته وصراعاته مع حزب عبير موسي و معها هي بالخصوص، كان يمكن أن يبعث ببرقية تعزية في وفاة والدها و لم يفعل، هذا شأنه، كان يمكن أن يشجب و يدين السلوك المارق اللاأخلاقي الذي أتاه مخلوف لأنه لحق إمرأة تونسية بقطع النظر عمّن تكون… و لكن الظاهر أنها في نظره “مجرد امرأة”!
لا يمكن لراشد الغنوشي أن يكون مثاليا أو راقيا أو صاحب مبادىء
السيد راشد الغنوشي لا يفكر أبدا في الدخول في معارك عبير موسي و سيف الدين مخلوف، و لكنه كان يمكن أن يثبت لخصومه أنه أكبر من عبير و من خصومة سياسية زائدة و زائلة.
تختلف مع من تختلف، لكن لا يمكن أن تذهب بعيدا في التنكيل به أخلاقيا و اجتماعيا، و الغنوشي الزعيم لا رئيس حزب صاحب الجلد الخشن من حقه أن يترفع أكثر و أكثر عن هاته الخصومات اليومية، و ليس له أن يقدم اعتذاراته في كل مرة لمن ظُلم من النواب، و إلا سيفني بقية عمره في حل النزاعات و تقديم الأعذار نظرا لنظافة و نقاوة المجلس، و من حقه أن يكون الإنسان، فليس له أن يكون مثاليا و راقيا كالملوك و الأباطرة و الزعماء، كان بإمكانه أن يُضعف عبير سياسيا و شعبيا بمجرد إعلان نوايا أو كلمة عطف و تعاطف رمزية و شكلية مقتضبة تتلى قبل أي جلسة… ممكن… و لكن لا أظنه يفعل… و لن يفعل…
* محلل سياسي.
شارك رأيك