في بيان أصدرته اليوم الثلاثاء 6 أكتوبر 2020 مجموعة من الجمعيات والمنظمات التونسية تتحدث عن “عودة برلمانية مفزعة” (…) “مع تنامي الأزمة السياسية الخانقة”. في ما يلي نص البيان…
على إثر تواتر الأحداث المهددة لكرامة المواطنين وحقوقهم وحرياتهم وإزاء قرار مكتب مجلس نواب الشعب المتعلق بإحالة عدة مشاريع قوانين تتسم بالخطورة على أنظار الجلسة العامة في وقت قياسي غير مسبوق وسط غياب أي مبادرات لاستكمال بناء دولة القانون ومؤسساتها مع تنامي الأزمة السياسية الخانقة فإن الجمعيات الممضية أسفله تعبّر عن رفضها واستنكارها لهذا الخرق الواضح لأبسط مقومات دولة القانون وتهديد للمسار الديمقراطي.
فإذ تجدّد الجمعيات الممضية رفضها لمشروع القانون المتعلق بزجر الاعتداء على القوات المسلحة الذي لا يزال يمثل خطرا على حقوق وحريات المواطنين والمواطنات، رغم التعديلات التي تم إدراجها. فإنها تستنكر محاولة تمرير مشروع القانون المذكور أشهر قليلة قبيل الاحتفال بعيد الثورة العاشر وتعتبر أن المشروع المقدم على أنظار الجلسة العامة يمثل تهديدا خطيرا للسلم الاجتماعي ولتوازن المنظومة القانونية لكونه ينتصر لمصالح قطاعية ضيّقة في شكل مجلة جزائية موازية لا تكرّس مبدأ المساواة بين المواطنين أمام القانون.
كما يمثّل النص المعروض نسفا لمبدأ وضوح الأحكام الجزائية لما يحمله من عبارات فضفاضة وانتهاكا لمبدأ قاعدة التناسب بين الفعل الإجرامي والعقوبة المستوجبة كما يتعارض مع المبادئ الأساسية لاستخدام القوة من قبل الموظفين المكلفين بإنفاذ القانون ويمثل عقبة أمام إرساء منظومة الأمن الجمهوري. هذا بالاضافة لتقديمه حصانة لقطاع طال انتظار إصلاحه والنأي به عن ظاهرة الإفلات من العقاب في تضارب تام مع كل المطالب والمقترحات المتعلقة بإصلاح قطاع الأمن.
كما تعتبر الجمعيات الممضية أن تنقيح القانون الأساسي المتعلق بالمحكمة الدستورية وتخفيض الأغلبية المطلوبة لانتخاب أعضائها يعدّ خطرا حقيقيا يحدق بإرساء مؤسسات دولة القانون واستكمال الانتقال الديمقراطي إذ تعتبر هذه الجمعيات أن مشروعية المحكمة الدستورية تتمثّل في استقلاليتها وأن البتّ في النزاعات الدستورية يتطلب شروط الحياد والنزاهة والاستقلالية لما لها من تداعيات على حفظ البلاد واستقرار مؤسساتها وعليه فإن الجمعيات الممضية تؤكد على ضرورة الحفاظ على الأغلبية المعززة كشرط لانتخاب أعضاء المحكمة الدستورية الذي يعد ضمانا لاستقلالية هذه المؤسسة وتحمل مسؤولية تأخر إرسائها لمختلف الكتل البرلمانية الممثلة بمجلس نواب الشعب، خاصة في عهدته السابقة .
في هذا الصدد، تبيّن المنظمات الممضية أن مناقشة هذه النصوص يتزامن مع عرض مشروع القانون المتعلق بتنظيم حالة الطوارئ على الجلسة العامة. وإذ تذكّر الجمعيات الممضية أن تمديد وتجديد حالة الطوارئ قد تواصل بصفة غير منقطعة منذ سنة 2015 بما يتعارض أساسا مع مفهوم وطبيعة حالة الطوارئ وما مثّله من تضييق وانتهاك للحريات الأساسية للمواطنين. كما تجدّد هذه الجمعيات رفضها لمشروع القانون الذي لا يقدّم أي ضمانات لحماية حقوق وحريات المواطنين إذ أن مشروع القانون لم يضمن تشريك المؤسسات الدستورية لرقابة إعلانه وتمديده ولم يقدّم ضمانا فعّالا لتدخّل السلطة القضائية لحماية الحقوق والحريات من أي انتهاك.
كما تؤكد المنظمات الموقّعة أن تنقيح المرسوم عدد 116 المتعلق بحرية الاتصال السمعي والبصري والمقدم من قبل عدة نواب يمسّ من إستقلالية وحياد الهيئة العليا المكلفة بالرقابة إذ تم تخفيض الأغلبية المنصوص عليها بالمرسوم لانتخاب أعضاء الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري مما يمثّل تهديدا من شأنه إخضاع المشهد الإعلامي للتجاذبات السياسية وتردّيه عبر التلاعب بالقواعد القانونية لأجل مصالح سياسية ضيقة.
هذا ويتزامن النظر في هذه المبادرات التشريعية المهددة للمسار الديمقراطي والمتنافية مع مبادئ الثورة مع تصاعد وتيرة الاعتداءات على استقلالية السلطة القضائية من قبل من هم على رأس السلط الأخرى، وفي هذا السياق تعبّر الجمعيات الممضية عن استغرابها من موقف رئيس الجمهورية من عقوبة الإعدام لما يمثله ذلك من تفصي واضح لتعهدات تونس وإلتزاماتها الدولية في تراجع مخيف لكل الاستحقاقات المكتسبة والمتعلقة بمنظومة حقوق الإنسان وصون كرامة الذات البشرية. كما تدعو السلطة القضائية إلى تحمل مسؤولياتها إزاء استفحال ظاهرة الإفلات من العقاب والدفاع عن استقلالية الهياكل القضائية.
ونظرا للارتباط الوثيق بين كل هذه المسائل ومسار العدالة الانتقالية، فإن الجمعيات الممضية ترفض بكل شدة المبادرة التشريعية المقترحة من قبل كتلة الحزب الدستوري الحر يوم 25 سبتمبر المنقضي، والتي تهدف إلى نسف مسار العدالة الانتقالية من خلال إلغاء المساءلة والمحاسبة الجارية أمام الدوائر القضائية المختصة للذين ثبت ارتكابهم لجرائم حقوق إنسان بشعة وجرائم مالية في حق مواطنين وفي حق الدولة على مر 6 عقود، وإبطال جميع مخرجات هيئة الحقيقة والكرامة وإلغاء صبغتها الملزمة للدولة التونسية على معنى الفصل 70 من القانون 53-2013، مما سيكرس ثقافة الإفلات من العقاب المنتشرة، ويضرب عرض الحائط حقوق عشرات الآلاف من التونسيين في معرفة الحقيقة ورد الاعتبار لهم وحفظ ذاكرتهم و الذاكرة الوطنية.
إن الجمعيات الممضية أسفله تدعو لرئيس الجمهورية بوقف العمل بالنصوص القانونية المخالفة للدستور مثل الأمر المتعلق بحالة الطوارئ كما تجدّد دعوتها لرئيس الحكومة ومجلس نواب الشعب لتحمل مسؤولياتهم للإسراع بتنفيذ الإصلاحات اللازمة خصوصا تلك التي تتعلق بالمنظومة الأمنية كما تدعو على وجه الخصوص نواب الشعب لرفض مشروع القانون المتعلق بزجر الاعتداء على القوات المسلحة ولانتخاب أعضاء المحكمة الدستورية مع الحفاظ على الأغلبية المعززة إعلاء لمبادئ الاستقلالية والحياد واستكمال إرساء بقية الهيئات الدستورية.
قائمة الجمعيات والمنظمات الموقعة:
المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية
الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان
البوصلة
الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات
الجمعية التونسية للدفاع عن الحريات الفردية
جمعية القضاة التونسيين
جمعية الخطّ/انكيفادا
نواة
محامون بلا حدود
المنظمة العالمية لمناهضة التعذيب
النقابة الوطنية للصحفيين التونسين الأورومتوسطية للحقوق
جمعية يقظة من أجل الديمقراطية والدولة المدنية
مركز دعم التحول الديمقراطي وحقوق الانسان
أخصائيون نفسانيون العالم -تونس
جمعية إنصاف لقدماء العسكريين
جمعية ذكرى و وفاء لشهيد الحرية نبيل بركاتي
لا سلام بلا عدالة
انترناشيونل ألرت
المفكرة القانونية
الائتلاف التونسي لإلغاء عقوبة الاعدام
سوليدار – تونس
المنظمة التونسية لمناهضة التعذيب
شارك رأيك