في مثل هذا اليوم (الجمعة أيضا) من سنة 2015 كانت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان وعموم التونسيين على موعد مع حدث تاريخي، تونس تفوز بجائزة نوبل للسلام لعام 2015 . أي نعم من كان ينتظر ذلك.
بقلم فتحي الهمامي *
نزل الخبر المُفْرِح صبيحة يوم 9 اكتوبر: اللجنة النرويجية لجائزة نوبل للسلام تمنح الرباعي الراعي للحوار التونسي (الذي يضم كلا من الاتحاد العام التونسي للشغل، الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية، الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان والهيئة الوطنية للمحامين) جائزة نوبل للسلام لسنة 2015.
وقال البيان الصادر يومها عن لجنة نوبل للسلام إن الجائزة منحت تقديرا “للمساهمة الحاسمة في تشكيل ديمقراطية تعددية في تونس بعد ثورة الياسمين عام 2011”. وذكرت بأنّ الوساطة الرباعية “أطلقت عملية سياسية بديلة وسلمية في وقت كانت فيه البلاد على شفير حرب أهلية”.
وعن الدور الذي لعبه الرباعي وما قدمه أشارت رئيسة اللجنة في تصريحها في ذات اليوم أن «مساهمته كانت مصيرية في بناء ديمقراطية تعددية، عندما كانت العملية الديمقراطية تواجه خطر الإنهيار نتيجة الإضطرابات الإجتماعية والسياسية والإغتيالات».
ليس في الامر من شك إذن أن ذلك الاعتراف دولي باسهامات المجتمع المدني التونسي، عن طريق التتويج بالجائزة العظيمة كان بمثابة التكريم من قبل القائمين عليها بالدور التاريخي الذي لعبه والبصمة التي تركها في تاريخ البلاد.والحوار الوطني الذي اداره الرباعي باقتدار كانت إنطلقت أشغاله في الحقيقة يوم 16 أكتوبر 2012 (بحضور الرئاسات الثلاث ولكن منقوصة من حزبين في السلطة) ، وفي مرحلة ثانية (الرباعي وكافة مكونات الطيف السياسي والمؤسساتي) يوم 13 أكتوبر 2013 الذي اشار إليه بيان لجنة جائزة نوبل.
هذا وذكر العميد شوقي الطبيب في شهادته يوم إعلان التتويج (انظر مجلة “نواة” ليوم 14 اكتوبر 2015) ” أن الشهيد شكري بلعيد هو من إقترح فكرة الحوار الوطني عل كل من الإتحاد التونسي للشغل و الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان و هيئة المحامين، بعد موجة العنف السياسي التي عاشتها البلاد على إثر انتخابات المجلس التأسيسي.
وقد عمل الثلاثي على مواصلة تفعيل الحوار الوطني بعد إغتيال الشهيد لتكريم ذكراه وتنفيذ وصاياه”.
وللتذكير فان نتائج الحوار الوطني افضت وقتها إلى انتقالٍ سلس للسلطة بين الترويكا الحاكمة وحكومة مستقلة في جانفي من عام 2014، وإلى التصديق على دستور جديد، فضلا عن أنها مهدت الطريق لإجراء انتخابات ناجحة عام 2014. وبالرجوع إلى اجواء ذلك اليوم التاريخي أذكر أن يومها كنت في القطار في اتجاه تونس انطلاقا من صفاقس لحضور الاجتماع الدوري للهيأة المديرة للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان عندما زف إلي شكري الذويبي عضو هيئة المديرة وقتها ونائب الشعب حاليا خبر الفوز بالجائزة. وفي المقر المركزي للرابطة تحول اجتماع الهياة إلى خلية طوارئء مبهجة يتلقى أعضاءها التهاني الوافدة من كل حدب وصوب ويجيبون على أسئلة الصحافيين المتصلين أو الملتحقين بالمقر.
يذكر أن الرابطة كانت تشارك في فاعليات الحوار عن طريق فريق من أعضائها هم العميد عبد الستار بن موسى بصفته رئيس المنظمة وإلى جانبه حضر الاساتذة علي الزديني و زهير بن يوسف و الفقيد محمد عطية (السلام الى روحه) بصفتهم أعضاء عن الهياة المديرة. لكن هذا التتويج ما كان له أن يكون لولا مثابرة أجيال من الرابطيين نساء ورجالا عاهدوا انفسهم على خدمة وطنهم دون كلل أو تعب والدفاع عن مبادىء حقوق الإنسان الكونية دون أن ينتظروا جزاء مقابل تضحياتهم.
ناشط حقوقي.
شارك رأيك