إن المكتب التنفيذي لجمعية القضاة التونسيين وبعد وقوفه على تفاصيل الوقائع الخطيرة التي جدت يوم الجمعة 09 أكتوبر 2020 أمام المحكمة الابتدائية بصفاقس والمتمثلة في تجمهر منتسبي النقابة الجهوية لقوات الأمن الداخلي بصفاقس ورفع شعارات ماسة باستقلال القضاء والاحترام الواجب للهيئات القضائية على خلفية تعهد قضاة المحكمة الابتدائية صفاقس 2 بشكاية رفعها أمني ضد مدونة وإحالة هذه الأخيرة على الدائرة الجناحية بتلك المحكمة التي قررت إبقاءها بحالة سراح وما تزامن مع هذه الوقائع من مظاهر ضغط سُلّط على قضاة المحكمة الابتدائية ببن عروس من طرف منتسبي بعض النقابات الأمنية بالتجمهر أمام المحكمة عند مباشرة أعمال التحقيق مع رئيس مركز الأمن الوطني بالمروج الخامس وأحد مساعديه ومن طرف عدد من المحامين من لجنة الدفاع على الشاكية الأستاذة نسرين القرناح من خلال الاعتصام أمام مكتب وكيل الجمهورية واقتحام مكتب قاضي التحقيق المتعهد لفرض خروج ملحقة قضائية متربصة من مكتبه،
وبعد الاتصال بالجهات القضائية المعنية للتأكد من تفاصيل هذه الوقائع وحيثياتها والخطورة التي شكلتها على ضمانات الاستقلالية التي يفترض أن يعملوا في كنفها.
وبعد معاينة التصريحات الصادرة عن المحامية الشاكية والمضمنة في شريط الفيديو المتداول على صفحات شبكات التواصل الاجتماعي والذي توجهت من خلاله بعبارات ماسة من اعتبار كافة قضاة المحكمة الابتدائية ببن عروس على خلفية إبقاء المشتكى بهما بحالة سراح من طرف السيد قاضي التحقيق المتعهد.
وإذ يذكّر الكافة بأن القضاء المستقل هو الضمانة الحقيقية لتوصل جميع المتقاضين بحقوقهم وأن التقاضي لا يمكن أن يتم إلا في إطار الإجراءات التي أقرها القانون وأن نقد قرارات القضاء ومعارضة أحكامه لا يكون إلا بممارسة الطعون المتاحة قانونا فإنه :
أولا: يندّد بجميع أشكال الضغط المسلطة على الهيئات القضائية بمختلف أصنافها سواء صدرت عن أطراف القضايا المنشورة ذاتها أو من الهياكل النقابية أو المهنية الممثلة لها لما ينطوي عليه من مساس بجوهر استقلال القضاء واستقلالية القرارات والأحكام الصادرة عنه وخرق لمبدأ المساواة بين المواطنين أمام العدالة.
ثانيا: يؤكد أن تكرار منتسبي بعض النقابات الأمنية وبعض المحامين لممارسات الضغط على القضاة بمقرات المحاكم وبقاء تلك الأفعال دون محاسبة هو ما شجّع على التمادي في تلك التصرفات اللامسؤولة التي من شأنها ضرب مصداقية مؤسسات الدولة وفسح المجال لاستباحتها من قبل الكافة.
ثالثا: يطالب الجهات القضائية المختصة بفتح التحقيقات القضائية اللازمة في كافة وقائع الضغط والتجاوزات التي طالت القضاء والقضاة ومتابعتها بالجدية اللازمة والإعلام بمآلاتها كما يطالب وزير الداخلية بفتح الأبحاث الإدارية الفورية في تصرفات منظوريه بخصوص وقائع المحكمة الابتدائية بصفاقس والمحكمة الابتدائية ببن عروس وتحميل المسؤوليات لكل من ثبت تورّطه في ارتكاب التجاوزات غير المقبولة إنفاذا للقانون وتكريسا لمبدأ عدم الإفلات من العقاب.
رابعا : يشدد على أن العدالة المستقلة ليست عدالة تحت الطلب ولا عدالة تحت حصار وضغط أي جهة كانت ويحمّل المجلس الأعلى للقضاء والسلطة التنفيذية وهياكل المحاماة والجهات القضائية المباشرة للتحقيقات التي فتحت في الانتهاكات السابقة لمقرات المحاكم وللاحترام الواجب للهيئات القضائية، كل من موقعه وبحسب الصلاحيات الموكولة إليه، مسؤولية بقاء مثل هذه الأفعال الخطيرة دون محاسبة ودون ردع.
خامسا: يدعو كافة الأطراف المعنية وعلى رأسها المجلس الأعلى للقضاء إلى تحمل مسؤولياتها الوطنية في حماية مؤسسات القضاء والسلطة القضائية من جميع الضغوطات ومظاهر استعراض القوة التي تمارس عليها للمس من استقلال القرارات والأحكام القضائية وتوجيهها وفق الطلبات القطاعية بفتح التحقيقات وتحميل المسؤوليات واتخاذ كافة الإجراءات والتدابير والقرارات الضرورية لضمان حسن سير القضاء واحترام استقلاله.
عن المكتب التنفيذي
رئيس الجمعية
أنس الحمادي”
شارك رأيك