في رسالة مفتوحة إلى رئيس المجلس الأعلى للقضاء بتاريخ الأربعاء 14 أكتوبر 2020، مجموعة من الجمعيات و منظمات المجتمع المدني تستنكر التجاوزات التي شابت قضية التحرش الجنسي المتعلقة بنائب الشعب زهير مخلوف. و في ما يلي نص الرسالة…
إلى السيّد رئيس المجلس الأعلى للقضاء وأعضائه،
تحية طيبة وبعد،
نحن الجمعيات الممضية أسفله، وعلى إثر متابعتنا لقضية التحرش الجنسي المتعلقة بالنائب بمجلس نواب الشعب زهير مخلوف، والتي نتابعها منذ إثارة النيابة العمومية للدعوى وتوجيهها لشبهة التحرش الجنسي و التجاهر بما ينافي الحياء للنائب المذكور، و بعد ما لاحظناه من خروقات وتجاوزات شابت هذه القضية، نتوجه إلى جنابكم بهذه الرسالة.
باعتبار أن المجلس الأعلى للقضاء هو مؤسسة دستورية مستقلّة تضمن حسن سير القضاء واستقلالية السلطة القضائية و تجردها عن كل ضغوطات سياسية.
وباعتبار أن الهيئات القضائية تتكفل، وفقا للدستور التونسي، بتحقيق الغاية النبيلة من العدالة وهي حماية الحقوق والحريات وضحايا الانتهاكات من جميع الفئات.
وباعتبار أن القاضي هو وحده الكفيل بضمان المحاكمة العادلة وفق ما تضبطه إجراءات التقاضي التي لا يمكن التعدّي عليها عبر تدخلات سياسية
نود أن نعلم مجلسكم الموقر بكل ما لاحظناه في هذه القضية من إخلالات، حيث أنه بعد إثارة النيابة العمومية للدعوى وتوجيهها لشبهة التحرش الجنسي و التجاهر بما ينافي الحياء للنائب المذكور، تقرر فتح بحث تحقيقي في القضية في حين أن الأمر يتعلق بجنحة والجنحة لا تستوجب بحثا تحقيقيا.
شهدت هذه القضية العديد من الخروقات الإجرائية غير المعهودة في فقه القضاء حيث أنّ مدة التحقيق قد تخطت التسعة أشهر وهي مدة التحقيق في الجرائم المعقدة أو التي لا توجد فيها أدلة أو قرائن قوية في حين أنه في قضية الحال قد توفرت جميع وسائل الإثبات وأدلة دامغة.
وحيث أنّ قرار ختم البحث التحقيقي تغاضى عن أدلة الإدانة وجاء في شكل تقرير دفاع على المظنون فيه ناهيك على أنه صدر دون إنجاز مكافحة ودون إتمام مأمورية الاختبار الطبي التي رجعت دون إنجاز لعدم اختصاص اللجنة المكلفة وبالرغم من اقتراح هاته الأخيرة للاختصاصات الطبية الكفيلة بإنجاز مأمورية الاختبار إلا أن قاضي التحقيق تقاعس عن تكليفهم ولم يصحح مسار مأمورية الاختبار.
وحيث لا يخفى على جناب مجلسكم الموقر أن الوقوف على جدية دفوعات المظنون فيه يستلزم إجراء اختبار طبي. وحيث أنه من غير المعقول ومن غير المعهود أن تتضارب النيابة العمومية في مواقفها فتحيل المظنون فيه على التحقيق من أجل التحرش الجنسي و التجاهر بما ينافي الحياء ثم تطلب حذف جريمة التحرش الجنسي عند إصدار قرار ختم البحث.
وقد أثارت البيانات المتتالية لجمعية القضاة التونسيين المتعلقة بتدخل الوكيل العام بمحكمة الاستئناف بنابل في هذا الملف وغيره من القضايا المتنازع فيها داخل مرجع نظره و محاباته لأصحاب النفوذ نظرا لعلاقاته بهم مخاوفنا فيما يخص المسار القضائي لهذا الملف خاصة بعد سماع تصريح حضرتكم حول وجود شكايات في حق هذا الأخير وهي تمثل اليوم موضوع بحث لدى التفقدية العامة بوزارة العدل.
وبناء على ما سبق تعرب الجمعيات الممضية أسفله عن قلقها تجاه هذه الممارسات التي تتنافى مع مبادئ العدالة المضمّنة بالدستور والتي تقوم على المساواة أمام القانون وضمان المحاكمة العادلة وحماية حقوق المتضرر(ة)، وخاصةً حقوق النساء ضحايا العنف.
كما تهدد هذه الممارسات مؤسسة القضاء وتساهم في إضعافها وضرب استقلاليتها مما يؤدي إلى فقدان المواطن(ة) لثقته(ها) في العدالة.
و عليه فإننا نطلب من حضرتكم وفقا لصلاحياتكم المذكورة في القانون الأساسي المتعلق بالمجلس الأعلى للقضاء التدخل لبسط رقابتكم المستعجلة والضرورية لتلافي هذا الوضع الخطير واتخاذ الإجراءات اللازمة ضد كل من يثبت تعمده المماطلة و تطويل الإجراءات و التغيير المصطنع في تكييف الأفعال المجرمة المنسوبة لذي الشبهة لا تتماشى مع مبادئ السلطة القضائية و لا تحترم قوانين البلاد التونسية المناهضة لجميع أشكال العنف ضد النساء.
تقبلوا منا فائق التقدير والاحترام
ولكم سديد النظر
الجمعيات الممضية :
أصوات نساء
البوصلة
الجمعية التونسية للدفاع عن الحريات الفردية
الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات
الجمعية التونسية للوقاية الإيجابية
الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان
المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية تونس
جمعية المرأة والمواطنة بالكاف
جمعية النساء التونسيات للبحث حول التنمية
جمعية بيتي
جمعية دمج للعدالة والمساواة
جمعية رابطة الناخبات التونسيات
جمعية صوت حواء
جمعية ريحانة للمرأة بجندوبة
درة محفوظ – دكتورة في علم الاجتماع و مناضلة نسوية
مبادرة موجودين للمساواة
محامون بلا حدود
شارك رأيك