في غياب الإعلان عن أي إجراء ملموس، أسال لماذا خرج رئيس الحكومة هشام مشيشي “المستقل” ليلة الأحد 18 أكتور 2020 إلى الإعلام ؟ للإجابة أظنه أراد فقط بعث رسائل طمأنة للمِخدَّة السياسية التي يضع عليها راسه (حسب تعبيره) أي التحالف السياسي والبرلماني الذي يجمع النهضة و قلب تونس و الكرامة.
بقلم فتحي الهمامي *
قال رئيس الحكومة انه مع “تحرير” الاعلام السمعي البصري أي يساند تنقيح المرسوم 116 الذي قدمة ثالوث الشر والفساد و مع “الحماية” القانونية لرجال الأمن أي مع مشروع قانون زجر الاعتداء على القوات الحاملة للسلاح ولو أنه اضطر لسحبه وهو أيضا مع استشارة الثالوث عند التعيينات أو عند إجراء تحوير قادم للحكومة/- كما أنه منحاز إلى خيارات الثالوث الاقتصادية والاجتماعية المفرطة في الليبرالية من خلال مشروع قانون المالية أي انه في الجهة المقابلة لمواقف المجتمع المدني، ويفهم من حواره أيضا أنه غير مستعد لفتح ملفات الفساد المتعلقة بالبعض منهم ومنها تلك الأكشاك الإعلامية المنتصبة خارج القانون و غير مستعد للقطع معهم بسبب حملات الكراهية والعنف التي يأتيها شق منهم.
ولكن ماذا عن الرسائل الأخرى ذات البعد الرمزي التي يعدها البعض إيجابية ؟ في حواره البارحة أكد رئيس الحكومة مرارا وتكرارا أننا في حالة حرب، وانه يريد أن تشع صورة الجدية والحزم عن الدولة، وانه مصر على أن تكون الدولة على درجة عظيمة من الهيبة.
ولكن ألم يكن شكل جلسته ورؤيته وهو يضع ساقا على ساق في ارتخاء تام فيه تضارب مع الصورة التي حاول رسمها عن نفسه : جدي، صارم، مُجِدّ، نَشِط، إلخ؟
ذلك الشكل من التَرَبَّع كان في الحقيقة أقرب إلى اللامبالاة، التكاسل، عدم الاكتراث، البرودة، والخمول منها إلى الجِدّ والرَصَانَة.
ولعل ما زاد في “نصاعة” صورة التراخي تلك زاوية النظر المعتمدة غالبا عند التصوير التلفزي والتي تجعل من عين المشاهد (ة) على علاقة مباشرة مع رجلي السيد الرئيس المتأرجحة ومع حذائه ناصع السواد، أي تلتقي رأسا مع جلسته الكسولة. من الواضح إذن ان الركح او مكان المشاهدة لم يقع إعداده بدقة ليكون حمالا لرسائل التأهب والعزم، أو البعض من بيداغوجيا الاستعداد والتَهَيُّؤ.
وهنا أسوق الحوار الذي أجرته فرنسا 24 مع رئيس أذربيدجان كنموذج أول وكانت جلسة الرجل فيه عسكرية فعلا دون أن يلبس البزة العسكرية.
أما النموذج الثاني فهو ذلك الحوار مع الإعلام الذي أجراه اخيرا رئيس فرنسا وكان حول طاولة (وضع عليها بياناته). كان ذلك اللقاء أقرب إلى جلسة عمل منها إلى مُنَاظَرَة تلفزيونية.
لكن ما رأيته البارحة عند متابعتي للمحادثة أنها كانت أقرب إلى صورة الجلسة الودية بين خليلين منها إلى المطارحة بين سلطتين رغم المجهود الواضح للصحفي “سي شاكر”.
* ناشط حقوقي- عضو الراطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان.
شارك رأيك