نبيل القروي (قلب تونس) وحليفاه راشد الغنوشي (النهضة) و سيف الدين مخلوف (ائتلاف الكرامة) خسروا معركة تعديلات المرسوم 116 الخاص بالإعلام السمعي البصري و في نفس العملية السياسية الفاشلة حصل عكس ما كانوا يتمنونه : أضعفوا رئيس الحكومة هشام المشيشي و دعموا شعبية رئيس الجمهورية قيس سعيد الذي استعاد المبادرة.
بقلم الصحبي بن فرج *
النهضة وقفت خلف نبيل القروي في تعديل المرسوم 116 الخاص بتعديل الإعلام السمعي والبصري، و ذلك كان شرطا غير قابل للتفاوض، طرحه القروي، وهدفا سعى له منذ اختياره للجنة البرلمانية المكلفة بمناقشة المرسوم او القوانين المتعلقة بالاعلام (أعتقد انها لجنة الحقوق والحريات) وهذا تم منذ أوائل العهدة البرلمانية، ومنذ أن تم توزيع اللجان على الكتل (قلب تونس تخلى عن لجنة الصحة التي كان من المنتظر أن يطالب بها).
طبعا قلب تونس استقطب الى جانبه وموقفه ائتلاف الكرامة الذي كُلف بإيداع التعديلات والدفاع عنها اعلاميا،
النهضة سارت في الركاب لحساب نبيل القروي، وفي مستوى أقل، لحساباتها الخاصة : قناة الزيتونة أولا، والاستثمار في الموقف لتصفية حساباتها السابقة مع من تعتبره يسارا استئصاليا مسيطرا على الإعلام. لذلك لم تدافع قياداتها عن التعديلات الا لمَاما، وبقيت في الصفوف الخلفية، بينما أطلقت عنان مكيناتها الافتراضية… واتخذت بذلك النهضة وضع الترصد.
حسابات قلب تونس والكرامة كانت بأن القانون ممكن أن يمر بصعوبة وبالقوة، وأن رئيس الجمهورية قيس سعيد لن يتدخل (من المعلوم أن هشام السنوسي عضو الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري أو الهايكا في معركة مع رشيدة النيفر المسؤولة عن الإعلام في رئاسة الجمهورية) أو يخشى التدخل بعد خسارته لهشام مشيشي ولحكومته، وإضعاف رصيده الشعبي.
ما وقع عمليا هو :
– أن الرئيس مازال محافظا على شعبيته، وأعلن دخوله الحرب بصراحة ووضوح، وسيرد التعديلات إلى المجلس في حال تمريرها وهو ما يعني عمليا سقوطها،
– أن نور الدين الطبوبي توسط بين الرئاسة والهايكا، واتخذ الإتحاد موقفا واضحا من التعديلات،
– أن تحرك أهل المهنة (ليس الكل طبعا، بل جزء منهم تحرك، والبقية…) أحرج التحالف النيابي، وأضعف حجته أمام الراي العام،
– أنه حصلت شكوك جدية في تصويت مجموعة ال12 نائبا من النهضة المعارضين للغنوشي،
– أن النهضة، كالعادة، تنسحب في اللحظة المناسبة من المواجهات الخاسرة، ولا تبالي طبعا إلا بنفسها وتركت حلفاءها في التسلل بعد ان “أخلت مسؤوليتها” تجاههم واعتبرت انها قامت بما طلب منها، وأوفت بالتزاماتها، وانها غير مستعدة لدفع ثمن هزيمة سياسية وإهداء نصر سياسي لقيس سعيد…
هكذا إذن سقطت التعديلات… في انتظار مهزلة أخرى…
* طبيب و نائب سابق.
شارك رأيك