صدر بتاريخ 22 أكتوبر 2020 الديوان الشعري الأول للشاعر أنور بن حسين وهو يضم اثنا عشرة قصيدة كتبها في الفترة الممتدة بين 2007 و 2020. وبحكم تكوينه الأكاديمي في اللغة الانكليزية وآدابها واطلاعه على الموروث الأدبي والثقافي العربي القديم والحديث بالإضافة إلى إتقانه لعدة لغات أجنبية تمكن من أن ينحت لنفسه طريقا مغايرا ويجعل لتجربته طابعا خصوصيا.
بقلم البشير عبيد
المتصفح لديوان “عتبات الذهول” يلحظ من الوهلة الأولى تأثره بالراسخين في المشهد الشعري العربي ونهله من مناخاته وطقوسه مع تداخل الفنون الأخرى مثل الفلسفة والمسرح والفن التشكيلي دون نسيان الأسطورة وأبعادها في إثراء نصه. وهذا التداخل بين الفنون تحدث عنه أقطاب قصيدة الحداثة ونظر له كذلك أقطاب قصيدة النثر في العالم العربي مثل أدونيس ومحمد بنيس.
نصوص الشاعر أنور بن حسين تجعلك تقف أمام مفترق الحيرة وتقذف فيك أسئلة وجودية لا تفلت من حصارها. كما أنه يتركك تركض وراء المعنى الذي يمكن أن تجده في صورة شعرية محلقة أو في مفردة يتيمة تبحث عن مرادف أو ضد من الأضداد. إنها المفارقات اللغوية التي تجعل من النص محلقا في سماء الإبداع وهذه الجدلية بين اللغة والمعنى نجدها عميقة في قصيدة “لغة أخرى”. كما أنه اشتغل في نصوصه على القضايا العربية سواء من خلال التلميح أو من خلال اللغة التي تضرب داخلنا وتعزز الإحساس بالانتماء ولاسيما منها القضية الفلسطينية التي تبدو حاضرة بقوة خاصة في قصيدتي “في محراب الدهشة الأولى” و “المدينة التي تنام داخلنا”.
أما التوظيف التاريخي فيبدو جليا في قصيدة “السلام لروما” من خلال توظيف التاريخ الروماني القديم ورموزه للتعبير عن إيطاليا اليوم وما عاشته من ظروف مأساوية في جائحة كورونا فيصبح النص جسرا يجمع بين الماضي والحاضر ويحمل بعدا إنسانيا عميقا.
أنا على يقين أن هذا الصوت الشعري سيكون له شأن لا يستهان به في المشهد الشعري التونسي والعربي طالما أن بوصلته هي القيم الكونية الكبرى وعلى رأسها الحرية دون نسيان المثابرة والاجتهاد والإصرار على الاستمرار بعيدا عن المعارك الوهمية.
شارك رأيك