تسلسل الأحداث التي لفت بمقتل أستاذ التاريخ الفرنسي صمويل باتي تحيل إلى أن العملية ناتجة عن تجييش ممنهج مسبق من قوى الإسلام السياسي المتطرف في فرنسا أكثر منه ردة عفوية لمسلم يغار لدينه.
بقلم عادل اللطيفي *
اولا وما يجلب الانتباه في تغريدة التويتر للإرهابي بعد العملية أنه توجه بالأساس إلى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون معتبرا إياه زعيم الكفار وذلك دون أي تركيز على المدرس…
هذا التركيز على راس الدولة الفرنسية يمثل تواصلا للحملة التي شنتها جهات إسلاموية وحتى بلدان مثل تركيا على ماكرون بعد أن استهدف بحدة الإسلاميين. لماذا لا نجد في رسالة تبني العملية أي حديث عن التعليم وعن المدرس؟
نضيف إلى ذلك وأن الشرطة الفرنسية عثرت في حاسوبه على دعوات ضد عبد الفتاح السيسي وضد السعودية. فكأن العملية تدخل في سياق أشمل وسابق لحصة الدرس موضع الاختلاف. مع العلم وان إحدى شقيقات الإرهابي سافرت إلى سوريا.
ثانيا حول والد التلميذة الذي نشر أول فيديو للمطالبة بعزل الأستاذ بناء على ان ابنته تضررت من الصور المعروضة تبين أنها كانت غائبة عن المعهد يومها.
في اليوم الموالي يتوجه الأب للمعهد بصحبة ابنته ولكن أيضا، وهذا غريب، مع أحد رموز الخطاب الجهادي المتطرف وهو عبد الكريم سفريوي والذي لا علاقة له بالعائلة. وكان الأب توجه إلى المعهد كمناضل إسلاموي وليس كولي. وقتها يتم تسجيل فيديو جديد وتعطي فيه التلميذة شهادة كاذبة عما حصل أثناء الدرس والحال أنها كنت متغيبة. وهذا الفيديو اشعل ردود الفعل على وسائل التواصل الاجتماعي. هذا دون الحديث عن المكالمات بين أب التلميذة والإرهابي قبل العملية.
في المقابل ولو تحدثنا عن ردة فعل عفوية من طرف مسلمين، نجد أن ذلك قد حصل فعلا أسبوعا قبل الدرس الذي أنتج الحادثة. لأن أستاذ التاريخ كان قدم نفس الوثائق أسبوعا قبل ذاك واحتجت أم تلميذة مسلمة فاستدعاها صامويل باتي وتحدث معها وانتهى أمر الموضوع بين الطرفين لأن ولية التلميذة كانت تمثل فعلا عفوية المسلم بالمعنى المجتمعي والثقافي.
وكي يكتمل المشهد أكثر فجأة تتحرك قوى سياسية إقليمية مثل تركيا وأذنابها في البلدان العربية ويهاجم أردغان توجه فرنسا لضرب الانعزالية المجتمعية للإسلام السياسي في فرنسا وطبعا أعينه على سوريا وخاصة ليبيا. هذا دون أن ننسى الصعود القوي مؤخرا لعناصر تركية في المجلس الأعلى الممثل لمسلمي فرنسا وهم في علاقة متينة مع أنقرة.
لا علاقة للحشد الذي نشهده اليوم لا بالإسلام ولا برسوله. والمرجح أن المستهدف ليس مدرس التاريخ ولا دفاعا عن الرسول بل المستهدف هو التوجه الرسمي الفرنسي للتضييق على إخوان المسلمين في فرنسا.
ما قلته هنا ليس دفاعا عن فرنسا بل تواصلا لمعركة كنا بدأناها منذ الحياة التلمذية واشتدت في تونس بعد صعود الإخوان لسدة الحكم.
* أستاذ جامعي في فرنسا.
شارك رأيك