متى يعي اتحاد الشغل بخطورة الأوضاع، بفقدان أكثر من 200 ألف تونسي لمواطن شغلهم هذه السنة، بوشك عجز الدولة عن دفع الرواتب و منح التقاعد، بعدم توفر الإمكانيات حتى لصيانة البنية التحتية و ضمان سير المرفق العمومي و توفير حاجياتنا الضرورية كالطاقة و الدواء ؟
بقلم نافع النيفر *
عرفت تونس عشر سنوات من التناحر و سوء الحوكمة، عجزت فيها الحكومات المتعاقبة على فرض الإصلاحات الضرورية وعلوية القانون، و أفرط فيها الاتحاد العام التونسي الشغل من المطلبية و الخطوط الحمراء، و فرض مواقفه الأيديولوجية و وقف حجرة عثرة ضد كل محاولة إصلاح.
عشر سنوات تراجعت فيها قدرتنا التنافسية و تعطل فيها الإنتاج، و تدهورت صورة البلاد و جاذبيتها، و اختلت توازناتنا المالية حتى أشرفنا على الإفلاس،
فمتى يفهم إتحاد الشغل أن الزيادات المتتالية في الأجور في وقت تراجع فيه النمو و تدهورت فيه الإنتاجية، و دفع رواتب عشرات آلاف الموظفين و العمال الوهميين، غير المساهمين في خلق أي ثروة، هو ذاته الذي غذى التضخم و حطم القدرة الشرائية للمواطن و أثقل كاهل ضعاف الحال؟
متى يفهم إتحاد الشغل أن أولوية الأولويات لبلاد تطمح لتحسين ظروف عيش مواطنيها و توفير الشغل لشبابها و مهمشيها، و ضمان مستقبل أفضل لأبنائها، هي تسخير مواردها المالية للاستثمار، لإصلاح خدماتها العمومية من تعليم و نقل و صحة، و تحسين بنيتها التحتية ؟
متى يعي الإتحاد بخطورة الأوضاع، بفقدان أكثر من 200 ألف تونسي لمواطن شغلهم هذه السنة، بوشك عجز الدولة عن دفع الرواتب و منح التقاعد، بعدم توفر الإمكانيات حتى لصيانة البنية التحتية و ضمان سير المرفق العمومي و توفير حاجياتنا الضرورية كالطاقة و الدواء ؟
متى يعي الإتحاد أنه أصبح منذ مدة جزءا كبيرًا من المشكل، بينما من المفروض أن يكون جزءا كبيرًا من الحل ؟
هل يحصل ذلك في القريب العاجل، قبل فوات الأوان ؟ أم سيكون الاتحاد، بتعنته و عدم وعيه، المتسبب الرئيسي في إفلاس البلاد ؟
و هل تعي الحكومة من جانبها أن لها واجب المسك بزمام الأمور و التقليص حالا من نفقات الدولة (وبالخصوص كتلة الأجور) و الشروع في العديد و العديد من الإصلاحات المصيرية و فرض تطبيق القانون.
هل تعي أن من أولوياتها إرجاع حد أدنى من الثقة و الأمل للتونسيين و تعبئتهم لمزيد من الكد و الإنضباط لإنقاذ البلاد؟
* رجل أعمال.
شارك رأيك